الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الاشتراك في المظاهرات المشتملة على موسيقى وهتافات خاطئة

السؤال

تخرج في بلدي مظاهرات عديدة، وأحيانًا تكون فيها معازف مثل الطبل وغيره ليهتفوا بها.
فما حكم السير في المظاهرة آنذاك. هل أترك البقعة الذي تضرب فيها هذه الآلة وأتحرك إلى بقعة أخرى من المسيرة؟ وما الحكم إذا كانت عربة السير التي تقود المظاهرة هى التي تشغل أغاني بموسيقى. فما المطلوب مني إذ يصعب تركي للمظاهرة بأكملها إذ أنا قادم مع إخوة، والمكان بعيد عن المنزل أم يجب علي أيضًا البعد عن العربة والوقوف في آخر المظاهرة وهكذا؟ ولكن ما العمل إذ معظم المظاهرات في بلدي تشغل فيها أغاني مشهورة بموسيقى، أو يُهتف فيها بهتافات ألفاظها خطأ شرعًا ونحو ذلك، لن ينزل أحد المظاهرات بهذا المقتضى؛ لأن المظاهرات التي لا تشغل فيها أغاني، أو آلات عزف وطبل وهتافات خاطئة أو سب ..إلخ قليلة. وسنجلس في البيوت ونترك الطغاة يخربون علينا ديننا ودنيانا. فما الحكم؟
وما الحكم إذا كنت في منزلي مثلاً وعَبرتْ مظاهرة تشغل أغنية بموسيقى. هل أعتبر آثما إن خرجت أشاهدها بنية المشاهدة لا الاستماع إلى الأغنية أم المقتضى أن لا أشاهد المظاهرة؟
وجزاكم الله عنا كل خير.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فمبنى الحكم على مشروعية المظاهرات من حيث الأصل، يرجع إلى الموازنة بين المصالح والمفاسد، ويعتمد على الآثار المترتبة عليها؛ ولهذا ينبغي الرجوع لأهل العلم والحكمة والخبرة في كل بلد للبتّ في هذا الأمر الذي تختلف فيه الأنظار.

قال ابن القيم في (إعلام الموقعين): أصل شر الدنيا والآخرة جميعه من هذا القياس الفاسد، وهذه الحكمة لا يدريها إلا من له اطلاع على الواجب، والواقع، وله فقه في الشرع والقدر. اهـ.

وقال في (بدائع الفوائد) وفي (الطرق الحكمية): الحاكم إذا لم يكن فقيه النفس في الأمارات ودلائل الحال، كفقهه في كليات الأحكام ضيع الحقوق، فهاهنا فقهان لا بد للحاكم منهما: فقه في أحكام الحوادث الكلية. وفقه في الوقائع وأحوال الناس، يميز به بين الصادق والكاذب، والمحق والمبطل، ثم يطبق بين هذا وهذا بين الواقع والواجب، فيعطي الواقع حكمه من الواجب. ومن له ذوق في الشريعة واطلاع على كمالها وعدلها، وسعتها ومصلحتها، وأن الخلق لا صلاح لهم بدونها البتة، علم أن السياسة العادلة جزء من أجزائها وفرع من فروعها، وأن من أحاط علما بمقاصدها ووضعها، لم يحتج معها إلى سياسة غيرها البتة. اهـ.

ويقال في المشاركة في المظاهرة مع وجود المخالفات الشرعية من مثل ما ذكره الأخ السائل من وجود الأغاني، وآلات العزف، والهتافات الخاطئة والسب، ما يقال في الأصل. فإذا غلبت أو رجحت مصلحة المشاركة على مفسدة المخالفات تلك، فلا بأس بالمشاركة فيها مع الإنكار قدر المستطاع على المخالفات المذكورة.

وأما ما سألت عنه بشأن التفرج على المظاهرة إذا مرت ببيتك مع سماعك لتلك المنكرات، فقد سبق القول بجواز الحضور للمصلحة الراجحة، ولا مصلحة في مجرد التفرج، وعليك أن تصون سمعك وبصرك، وتلزم بيتك.

والله أعلم .

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني