الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الدم تراه المرأة في زمن الإمكان

السؤال

إذا جلست ثلاثة أشهر أحيض: في الشهر الأول 8 أيام، ثم الشهر الذي بعده حضت 9 أيام. ففي الشهر الذي يليهما أحسب أيام حيضي 8 أم 9 أيام؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن المفتى به عندنا أن كل دم تراه المرأة في زمن الإمكان، فإنها تعده حيضا، فإن العادة قد تتقدم وقد تتأخر، وقد تزيد وقد تنقص. فإذا رأيت الحيض في الشهر الرابع تسعة أيام فالتسعة جميعها حيض على الراجح، وفي الشهر الذي يليه يكون جميع ما ترينه من أيام الدم حيضا ما دام ذلك في زمن الإمكان، بأن لم يتجاوز مجموع تلك الأيام وما يتخللها من نقاء خمسة عشر يوما.

قال الموفق- رحمه الله- في الكافي: القسم الثاني: أن ترى الدم في غير عادتها، قبلها أو بعدها مع بقاء عادتها، أو طهرها فيها، أو في بعضها، فالمذهب أنها لا تجلس ما خرج عن العادة حتى يتكرر، وفي قدره روايتان إحداهما: ثلاثا؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: دعي الصلاة أيام أقرائك ـ وأقل ذلك ثلاثا. والثانية: مرتان؛ لأن العادة مأخوذة من المعاودة، وذلك يحصل بمرتين. فعلى هذا تصوم وتصلي فيما خرج عن العادة مرتين، أو ثلاثا، فإذا تكرر انتقلت إليه وصار عادة، وأعادت ما صامته من الفرض فيه؛ لأنا تبينا أنها صامته في حيضها.

قال الشيخ- رحمه الله تعالى-: ويقوى عندي أنها تجلس متى رأت دما يمكن أن يكون حيضا وافق العادة أو خالفها؛ لأن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء ـ ولم تقيده بالعادة، فظاهر الأخبار تدل على أن النساء كن يعددن ما يرينه من الدم حيضا من غير افتقاد عادة، ولم ينقل عنهن ذكر العادة، ولا عن النبي صلى الله عليه وسلم بيان لها، ولا استفصال عنها إلا في التي قالت: إني أستحاض فلا أطهر، وشبهها من المستحاضات، أما في امرأة يأتي دمها في وقت يمكن أن يكون حيضا، ثم تطهر، فلا, والظاهر أنهن جرين على العرف في اعتقاد ذلك حيضا، ولم يأت من الشرع تغيره؛ ولذلك أجلسنا المبتدأة من غير تقدم عادة، ورجعنا في أكثر أحكام الحيض إلى العرف، والعرف أن الحيضة تتقدم وتتأخر، وتزيد وتنقص، وفي اعتبار العادة على هذا الوجه إخلال ببعض المنتقلات عن الحيض بالكلية مع رؤيتها للدم في وقت الحيض على صفته، وهذا لا سبيل إليه. انتهى.

وإذا علمت هذا، وتبين لك الراجح عندنا. فإن على قول من يعتبر التكرار في ثبوت العادة، لا يكون هذا اليوم التاسع حيضا، بل يلزمك أن تغتسلي بعد انقضاء مدة عادتك وهي الأيام الثمانية، ويكون اليوم التاسع يوما مشكوكا فيه، فتصوم فيه، وتصلي، وتغتسل بعد انقطاع الدم، فإذا تكرر ثلاثا ثبت أنه عادة لها، فقضت واجب الصوم.

قال في الروض: (ومن زادت عادتها) مثل أن يكون حيضها خمسة من كل شهر فيصير ستة (أو تقدمت) مثل أن تكون عادتها من أول الشهر فتراه في آخره (أو تأخرت) عكس التي قبلها (فما تكرر) من ذلك (ثلاثا فـ) هو (حيض)، ولا تلتفت إلى ما خرج عن العادة قبل تكرره كدم المبتدأة الزائد على أقل الحيض، فتصوم فيه، وتصلي قبل التكرار، وتغتسل عند انقطاعه ثانيا، فإذا تكرر ثلاثا صار عادة فتعيد ما صامته ونحوه من فرض. انتهى.

والقول الأول وهو أن جميع ما تراه من الدم في زمن الإمكان يعد حيضا، هو الراجح كما مر؛ ولبيان ضابط زمن الإمكان انظري الفتوى رقم: 118286.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني