الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم القرض المشروط فيه نفع يعود على المقرض

السؤال

سؤالي عن صيغة بيع تمت بيني وبين أحد أقاربي؛ حيث إنه يملك شاحنة حصل عليها من خلال قرض عن طريق البنك، ويقوم بسداد هذا القرض في مدة ثمان سنوات، حيث إنه لا يستطيع بيع هذه الشاحنة إلا بعد سداد هذا القرض خلال المدة المذكورة، ولكنه بعد مدة لم يستطع أن يعمل بهده الشاحنة، وأراد شراء سيارة أجرة لكي يسترزق بها، وقد كنت أبحث عن شاحنة لكي أشتريها وأعمل بها، فاتفقت معه على أن أعطيه مبلغا ماليا يشتري به سيارته، وأن يعطيني الشاحنة لكي أعمل بها، وأن يلتزم ببيع الشاحنة لي بعد أن يسدد المبلغ الذي عليه للبنك، مقابل المبلغ الذي أعطيته له لشراء السيارة، مع العلم أن المبلغ الذي أعطيته أقل من القيمة الحقيقية للشاحنة، فوافق.
فهل هدا البيع جائز أم لا؟
وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فهذه المعاملة لا تصح؛ لأنك أقرضت قريبك بشرط أن يعيرك الشاحنة، وهذا شرط نفع في القرض، وهو محرم.

جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: إن انتفاع الدائن من عملية الاستدانة إن كان بشرط، فهو حرام بلا خلاف.

قال ابن المنذر: أجمعوا على أن المسلف - أي الدائن - إذا شرط على المستلف زيادة أو هدية، فأسلف على ذلك، أن أخذ الزيادة على ذلك ربا، وقد روى علي بن أبي طالب- رضي الله عنه-عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: كل قرض جر منفعة فهو ربا. وهو وإن كان ضعيف السند إلا أنه صحيح معنى، وروي عن أبي بن كعب، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن مسعود، أنهم نهوا عن كل قرض جر منفعة للمقرض. ولأن عقد الاستدانة عقد إرفاق وقربة، واشتراط المنفعة فيه للدائن، إخراج له عن موضوعه، وهو شرط لا يقتضيه العقد ولا يلائمه. اهـ.

وكذلك قد اشترطت عليه أن يبيعك الشاحنة، وهذا شرط عقد في القرض، وهو محرم أيضا، ولا يصح.

قال ابن قدامة في المغني: وإن شرط في القرض أن يؤجره داره، أو يبيعه شيئا، أو أن يقرضه المقترض مرة أخرى، لم يجز؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع وسلف. ولأنه شرط عقدا في عقد، فلم يجز، كما لو باعه داره بشرط أن يبيعه الآخر داره. وإن شرط أن يؤجره داره بأقل من أجرتها، أو على أن يستأجر دار المقرض بأكثر من أجرتها، أو على أن يهدي له هدية، أو يعمل له عملا، كان أبلغ في التحريم. اهـ.

وفي كشاف القناع: الضرب الثاني من الشروط في البيع فاسد يحرم اشتراطه وهو ثلاثة أنواع: أحدها أن يشترط أحدهما على صاحبه عقدا آخر كسلف) أي سلم (أو قرض أو بيع أو إجارة أو شركة، أو صرف الثمن، أو) صرف غيره أو غير الثمن (ف) اشتراط هذا الشرط (يبطل البيع وهو بيعتان في بيعة المنهي عنه) والنهي يقتضي الفساد. (قاله) الإمام (أحمد) هكذا في المبدع والإنصاف وغيرهما. اهـ.

وراجع للفائدة الفتوى رقم: 41904 .

وإذا كانت السيارة مرهونة للبنك، أو يحظر البنك بيعها بناء على اتفاق بينهما، فليس له أن يبيعها حتى يأذن له البنك، وليس لك شراؤها منه قبل ذلك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني