الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم زكاة المال المستفاد بطريق شرعي ممن حصل عليه بكسب محرم

السؤال

أضيف فقط معلومة بالنسبة لسؤالي رقم: 2462331 حين قلت: لم أكن ملتزمة، فأنا أيضا لم أكن أصلي. وقيمة زكاة المال التي لم أتصدق بها، وكذلك الفوائد الربوية صرفتها تقريبا كلها (لحاجاتي...).

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن المال المحرم لكسبه كالربا ونحوه، حرام على كاسبه، والحرمة متعلقة بذمته لا بعين ماله، فلا تحرم معاملته فيه على الراجح.

قال ابن عثيمين: قال بعض العلماء: ما كان محرما لكسبه، فإنما إثمه على الكاسب لا على من أخذه بطريق مباح من الكاسب، بخلاف ما كان محرما لعينه، كالخمر والمغصوب ونحوهما، وهذا القول وجيه قوي، بدليل أن الرسول صلى الله عليه وسلم اشتري من يهودي طعاما لأهله، وأكل من الشاة التي أهدتها له اليهودية بخيبر، وأجاب دعوة اليهودي، ومن المعلوم أن اليهود معظمهم يأخذون الربا، ويأكلون السحت، وربما يقوي هذا القول قوله صلى الله عليه وسلم في اللحم الذي تصدق به على بريرة: هو لها صدقة، ولنا منها هدية. اهـ. من القول المفيد.

وقال: وأما الخبيث لكسبه فمثل المأخوذ عن طريق الغش، أو عن طريق الربا، أو عن طريق الكذب، وما أشبه ذلك؛ وهذا محرم على مكتسبه، وليس محرما على غيره إذا اكتسبه منه بطريق مباح؛ ويدل لذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعامل اليهود مع أنهم كانوا يأكلون السحت، ويأخذون الربا، فدل ذلك على أنه لا يحرم على غير الكاسب. اهـ. من تفسير سورة البقرة.
ولا فرق في هذا الحكم بين أن يكون المال المحرم لكسبه لمسلم أو لكافر. وعليه: فالمال الذي تأخذينه من أبيك بطريق مباح - كالهبة أو نحوها - لا يلزمك التخلص من شيء منه، وتجب عليك زكاته - إذا بلغ النصاب بنفسه، أو بما انضم إليه من نقود أخرى عندك، وحال عليه الحول - دون النظر إلى قدر الربا الذي اكتسبه والدك في هذا المال.

وراجعي للفائدة الفتوى رقم: 191045 ، والفتوى رقم:104631.
وإذا لم تخرجي زكاة الأموال التي تأخذينها من أبيك - حيث وجبت زكاتها عليك - فتجب عليك التوبة إلى الله عز وجل، وأن تخرجي زكاتها للسنين التي لم تزكها فيها، فهي باقية في ذمتك - ولو كنت إذ ذاك غير ملتزمة ولا تصلين -؛ لأن الزكاة لا تسقط بالتقادم. وانظري الفتوى رقم: 64462 .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني