الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم سباحة المرأة في المسابح النسائية الملتزمة، وحكم منع الزوج زوجته من ذلك

السؤال

زوجي بالرغم من معرفته بحِل الذهاب للمسبح باللباس الشرعي، وهو مسبح تابع لجامع في المدينة، وهناك ضوابط شرعية، ولباس شرعي، وستر عورة وإلى آخره، وهو الآن يمنعني من الذهاب، بسبب فتوى لأحد الشيوخ قال فيها: إن الذهاب لهذا المسبح، حرام، فما جزاء من يحرم الحلال؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فعلى السائلة الكريمة أن تميز بين أمرين:

الأول: تحريم ما أحل الله، كمن حرم الطيبات من الرزق، كأكل السمك، و لبس النساء الحرير، فهذا من باب القول على الله بغير علم، وهو من أكبر الكبائر، وأعظم الكذب؛ قال تعالى: وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ {النحل:116}. وكما أوضحناه في الفتوى رقم: ‎128208‎ .

والأمر الآخر هو: اختلاف المفتين في الفتوى, فهذا من جنس اختلاف الفقهاء والمجتهدين في مسائل الفقه، وهو اختلاف سائغ مشروع، بل هو رحمة ونعمة، كما بيناه في الفتوى رقم: ‎72245‎، وذلك كاختلافهم في بعض أركان الصلاة وشروطها.

والواجب على المسلم العاقل في مسائل الاختلاف أن يتسع أُفقه، وصدره، لاختلاف العلماء والمفتين، وأن يعرف لهم قدرهم، وينزلهم منازلهم كما بيناه في الفتوى: ‎33346‎ .

ومما يعين على ذلك: معرفة أسباب الخلاف العامة، والحكمة فيه كما بيناه في الفتويين: ‎26350‎ ، ‎129429‎ .

وأما ما الموقف العملي للمكلف عند اختلاف المجتهدين: فقد بيناه في الفتاوى التالية أرقامها: ‎120640‎ ، 169801‎، ‎5583‎ .

واختلاف المفتين في خصوص مسألة: (حكم سباحة المرأة في المسابح النسائية العامة) من النوع الثاني، لا الأول؛ لأنه لم يرد بخصوص الواقعة محل السؤال، نص قاطع لا يحتمل التنازع فيه بالحرمة، كالزنا، والربا، أو الإباحة كالطيبات، ومجرد اتفاق المفتين على الشروط العامة لجواز سباحة المرأة في المسبح المختص بالنساء، كستر العورة، ومنع الاختلاط، وغيرها، لا يلزم منه اتفاقهم على الفتوى في حكم السباحة في المسبح المعين، للمستفتي المعين؛ لأن تنزيل الشروط العامة على الوقائع المعينة من وظائف المفتي، وهو باب واسع تختلف فيه أنظار المفتين، وتتباين فيه آراء المجتهدين بين مشدد محتاط، ومسهل ميسر، خاصة إذا تعلقت المسألة بصيانة الأعراض، وحفظ العورات، وحراسة الفضيلة، كما هو الحال هنا.

ولمعرفة الضوابط الشرعية، وحكم سباحة المرأة تنظر الفتويين: 6063، 21789.

وأما بخصوص السائلة الكريمة: فنوصيها بطاعة زوجها إذا منعها من الخروج إلى المسبح المذكور؛ لأن طاعته واجبة عليها في ذلك، كما بيناه في الفتوى رقم: 230227، بل إذنه لها بالخروج للمسبح شرط من شروط جواز سباحتها في المسبح المذكور، كما بيناه في الفتوى رقم: 6063.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني