الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم صلة القريب الذي يشتغل بالسحر وطلب العون منه في أمور الدنيا

السؤال

لي عم غريب الأطوار، وكان يعمل بالسحر، وقررت أن أصله تليفونيا فقط من باب صلة الرحم، ومع الوقت طلبت منه البحث عن سفرية لزوجي من أحد معارفه، فطلب من زوجي أن يذهب إلى الصلاة في مسجد السيدة نفيسة ويبحث عن كتاب أوراد يقرؤه لمدة أسبوع، وسوف يرى شيئا طيبا على حد قوله، وأنا بصراحة لا أريد أن أمشي وراءه، لأنه مريب، والله أعلم بحاله ـ فهل في ذلك أي حرمة؟.
وجزاكم الله كل الخير وبارك لكم وأعزكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإنه يشرع هجر السحرة لمن يخشي الضرر منهم أو التأثر بباطلهم، وأما من لا يخشي منهم وكانوا من أقاربه فيشرع له التواصل معهم، ولا سيما إن كان يمكنه نصحهم وحضهم على التوبة, قال الحافظ أبو عمر ابن عبد البر: أجمعوا على أنه يجوز الهجر فوق ثلاث لمن كانت مكالمته تجلب نقصًا على المخاطب في دينه، أو مضرة تحصل عليه في نفسه، أو دنياه فرب هجر جميل خير من مخالطة مؤذية. انتهى.

وانظر الفتوى رقم: 113636، عن موقف الشخص إذا كان بعض أقاربه يتعامل بالسحر, والفتوى رقم: 136640، في كيفية التحصن من أذى السحرة، والفتوى رقم: 229636، في كون السحر بابا من أبواب الكفر، والفتوى رقم: 68274، عن بعض النصوص في الوعيد للسحرة والدجالين والمشعوذين.

وإذا أمكنك نصح هذا الرجل وتذكيره بالله تعالى وبخطر السحر وإثمه فافعلي، ويمكنك الاستعانة بالفتويين رقم: 11104 ورقم: 24767.

وأما عن استعانتك به فيما يستطيع العون فيه من خدمة زوجك مما لا تستخدم فيه وسيلة من وسائل الشعوذة والسحر: فلا حرج فيها، وأما عن أوامره التي قال: فإن كان الذهاب للمسجد المذكور يستلزم السفر، فإنه لا يجوز السفر إلى مسجد غير المساجد الثلاثة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، المسجد الحرام، ومسجدي هذا والمسجد الأقصى. متفق عليه.

قال الحافظ في الفتح: واختلف في شد الرحال إلى غيرها كالذهاب إلى زيارة الصالحين أحياءً وأمواتاً، وإلى المواضع الفاضلة لقصد التبرك بها والصلاة فيها، فقال الشيخ أبو محمد الجويني: يحرم شد الرحال إلى غيرها عملا بظاهر هذا الحديث، وأشار القاضي حسين إلى اختياره، وبه قال عياض وطائفة، ويدل عليه ما رواه أصحاب السنن من إنكار أبي بصرة الغفاري على أبي هريرة خروجه إلى الطور، وقال له: لو أدركتك قبل أن تخرج ما خرجت، واستدل بهذا الحديث، فدل على أنه يرى حمل الحديث على عمومه، ووافقه أبو هريرة.

وكذا لا يجوز البقاء في مكان تفعل فيه المنكرات من بدع وشركيات، ولا الذهاب إلي قبر لطلب الحاجة منه، وأما الأوراد التي قال: فما كان منها واردا في الأدعية والاذكار المأثورة، فالأصل مشروعية قراءته، ولكن تحديد القراءة بأسبوع لقضاء حاجة معينة من دون اعتماد على دليل شرعي يعتبر من البدع الإضافية، فالأصل في المسلم هو الحرص على الذكر واعتقاد أنه يسبب فلاح الدنيا والآخرة، كما قال الله تعالى: فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ {الجمعة:10}.

وأما إذا حدد وردا فيه ما لا يعقل معناه أو فيه ألفاظ تشتمل على الاستغاثة وما أشبه، فيجب البعد عنه وعدم طاعته فيه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني