الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من طرأ عليها الحيض قبل دخول العشاء، فهل يجب عليها قضاؤها؟

السؤال

جاءني الحيض قبل دخول وقت صلاة العشاء، فهل يجب علي أن أقضي هذه الصلاة بعد الحيض؟. وجزاكم الله كل الخير.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كنت قد صليت المغرب ثم جاءك الحيض قبل دخول وقت العشاء لم يجب عليك قضاء صلاة العشاء بعد طهرك في قول الجمهور، وفي إحدى الروايتين عن أحمد أن قضاءها يلزمك، والقول الأول ـ وهو عدم لزوم القضاء ـ أرجح، قال ابن قدامة رحمه الله: وَإِنْ أَدْرَكَ الْمُكَلَّفُ مِنْ وَقْتِ الْأُولَى مِنْ صَلَاتَيْ الْجَمْعِ قَدْرًا تَجِبُ بِهِ، ثُمَّ جُنَّ أَوْ كَانَتْ امْرَأَةً فَحَاضَتْ، أَوْ نَفِسَتْ، ثُمَّ زَالَ الْعُذْرُ بَعْدَ وَقْتِهَا، لَمْ تَجِبْ الثَّانِيَةُ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَلَا يَجِبُ قَضَاؤُهَا، وَهَذَا اخْتِيَارُ ابْنِ حَامِدٍ، وَالْأُخْرَى: يَجِبُ وَيَلْزَمُ قَضَاؤُهَا، لِأَنَّهَا إحْدَى صَلَاتَيْ الْجَمْعِ، فَوَجَبَتْ بِإِدْرَاكِ جُزْءٍ مِنْ وَقْتِ الْأُخْرَى، كَالْأُولَى، وَوَجْهُ الْأُولَى أَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ جُزْءًا مِنْ وَقْتِهَا، وَلَا وَقْتِ تَبَعِهَا، فَلَمْ تَجِبْ، كَمَا لَوْ لَمْ يُدْرِكْ مِنْ وَقْتِ الْأُولَى شَيْئًا، وَفَارَقَ مُدْرِكَ وَقْتِ الثَّانِيَةِ، فَإِنَّهُ أَدْرَكَ وَقْتَ تَبَعِ الْأُولَى، فَإِنَّ الْأُولَى تُفْعَلُ فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ مَتْبُوعَةً مَقْصُودَةً يَجِبُ تَقْدِيمُهَا، وَالْبِدَايَةُ بِهَا، بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ مَعَ الْأُولَى، وَلِأَنَّ مَنْ لَا يُجَوِّزُ الْجَمْعَ إلَّا فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ لَيْسَ وَقْتُ الْأُولَى عِنْدَهُ وَقْتًا لِلثَّانِيَةِ بِحَالٍ، فَلَا يَكُونُ مُدْرِكًا لَشَيْءٍ مِنْ وَقْتِهَا، وَوَقْتُ الثَّانِيَةِ وَقْتٌ لَهُمَا جَمِيعًا، لِجَوَازِ فِعْلِ الْأُولَى فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ، وَمَنْ جَوَّزَ الْجَمْعَ فِي وَقْتِ الْأُولَى، فَإِنَّهُ يُجَوِّزُ تَقْدِيمَ الثَّانِيَةِ رُخْصَةً تَحْتَاجُ إلَى نِيَّةِ التَّقْدِيمِ، وَتَرْكِ التَّفْرِيقِ، وَمَتَى أَخَّرَ الْأُولَى إلَى الثَّانِيَةِ كَانَتْ مَفْعُولَةً لَا وَاجِبَةً، لَا يَجُوزُ تَرْكُهَا، وَلَا يَجِبُ نِيَّةُ جَمْعِهَا، وَلَا يُشْتَرَطُ تَرْكُ التَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا، فَلَا يَصِحُّ قِيَاسُ الثَّانِيَةِ عَلَى الْأُولَى، وَالْأَصْلُ أَنْ لَا تَجِبَ صَلَاةٌ إلَّا بِإِدْرَاكِ وَقْتِهَا. انتهى.

وأما إن كنت لم تصلي المغرب حتى جاءك الحيض، ففي وجوب قضاء المغرب عليك خلاف، والأحوط أن تقضيها خروجا من هذا الخلاف، وانظري الفتوى رقم: 176091.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني