الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

منزلة الشيخ عبد الله الغنيمان في علم العقيدة، وهل يلزم سؤاله فيها دون غيره

السؤال

هل الشيخ عبد الله الغنيمان هو أعلم أهل الأرض بالعقيدة؛ لأني قرأت هذه المقالة عن الشيخ ناصر العقل، ينقلها بعض الإخوة، وهناك من ينسب مثلها للشيخ ابن باز؟
وإذا كان الأمر كذلك. فهل يجب إذا اختلط علي أمر في الاعتقاد أن أسأله هو عنه؛ لأنه أعلم الناس بالعقيدة، كما يتناقل بعض طلبة العلم؟
وهل هذه المقالة صحيحة؟
وهل الشيخ ابن باز قال ذلك فعلا؛ لأن هناك مسائل أقرأها مثلا في كتب ابن تيمية، وأستفهم عنها بعض أهل العلم وأفهما منهم، وأعتقدها.
فهل علي كي أعتقدها أن أسأل أعلم أهل الأرض بالعقيدة، وهو الشيخ الغنيمان كما يتناقل بعض طلبة العلم مثلا؟
أرجو توضيح المسألة لي، سيما سؤالي عن الشيخ هل هو فعلا أعلم أهل الأرض بالعقيدة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالشيخ عبد الله الغنيمان ـ حفظه الله ـ من أهل العلم الكبار، خاصة في مسائل الاعتقاد.

وأما الحكم بكونه أعلم أهل الأرض في العقيدة، فهذا ليس إلينا، فالله أعلم بذلك، وحسبنا أن نعرف قدر الشيخ، وأنه من العلماء الراسخين، وقد حُكي عن تلميذه الأستاذ الدكتور ناصر بن عبد الكريم العقل ـ أستاذ العقيدة، والمذاهب المعاصرة بجامعة الإمام ـ أنه قال عن شيخه الشيخ الغنيمان: لا أعلم أحداً أعلم في العقيدة في هذا الوقت من الشيخ عبد الله. اهـ.
ثم إنه لا يلزم المقلد أن يسأل أعلم الناس، بل يكفيه أن يسأل عالما مؤهلا للفتوى، إلا إذا اختلف عليه المفتون، فعندئذ يتحرى الأعلم والأوثق في نفسه.

قال ابن قدامة في (روضة الناظر): إذا كان في البلد مجتهدون، فللمقلد مساءلة من شاء منهم. ولا يلزمه مراجعة الأعلم، كما نقل في زمن الصحابة؛ إذ سأل العامّة الفاضل والمفضول في أحوال العلماء. وقيل: بل يلزمه سؤال الأفضل.

وقد أومأ إليه الخرقي فقال: "إذا اختلف اجتهاد رجلين اتبع الأعمى أوثقهما في نفسه". والأولى أولى؛ لما ذكرنا من الإجماع. وقول الخرقي يحمل على ما إذا سألهما فاختلفا، وأفتاه كل واحد بخلاف قول صاحبه، فحينئذ يلزمه الأخذ بقول الأفضل في علمه ودينه. اهـ.
وقال ابن الصلاح في (أدب المفتي والمستفتي): إذا اجتمع اثنان أو أكثر ممن يجوز له استفتاؤهم، فهل يجب عليه الاجتهاد في أعيانهم، والبحث عن الأعلم، الأورع، الأوثق ليقلده دون غيره؟ فهذا فيه وجهان:

أحدهما: وهو في طريقة العراق منسوب إلى أكثر أصحابنا، وهو الصحيح فيها: أنه لا يجب ذلك، وله استفتاء من شاء منهم؛ لأن الجميع أهل، وقد أسقطنا الاجتهاد عن العامي.

والثاني: يجب عليه ذلك، وهو قول ابن سريج، واختيار القفال المروزي، والصحيح عند صاحبه القاضي حسين؛ لأنه يمكنه هذا القدر من الاجتهاد بالبحث والسؤال، وشواهد الأحوال، فلم يسقط عنه. والأول أصح، وهو الظاهر من حال الأولين، ولكن متى ما اطلع على الأوثق منهما، فالأظهر أنه يلزمه تقليده دون الآخر، كما وجب تقديم أرجح الدليلين. اهـ.

وراجع لمزيد الفائدة الفتويين: 169143، 169801.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني