الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

أود أن أشكركم على كل ما تقدمونه لنا جزاكم الله خيرا: لدي مشكلة سببت لي الكثير من القلق وهي اضطرابات الدورة والكدرة التي تسبق الدورة، ففي يوم الخميس 26 جمادى الأول عندما استيقيظت الساعة الواحدة تقريبا بعد الظهر وذهبت إلى الحمام رأيت إفرازات بنية اللون فاتحة بعض الشيء، أو ما يعرف بالكدرة، وكنت قبل ذلك بأيام أشعر بآلام الدورة المعروفة ولكنها خفيفة، فعرفت أن تلك الكدرة بداية الدورة فجلست عن الصلاة لأنني قرأت فتوى أو فتاوى تفيد أن الكدرة المتصلة بالدم من الدورة، ولكن مدة الكدرة طالت كثيرا حتى يوم الأربعاء 2 جمادى الثاني مع استمرار آلام الدورة الخفيفة التي تأتي تارة وتذهب أخرى، حيث إن تطور الكدرة بطيء جدا بحيث تبدأ بلون بني فاتح ثم تتحول تدريجيا إلى اللون البني الداكن القريب من السواد، وفي ذلك اليوم الأربعاء 2 جمادى الثاني بدأت أرى بداية الدم وكان لونه أحمر يميل إلى الفوشي الداكن والبني الداكن والسواد أيضا، وتارة يكون دافئا، وتارة يكون غير دافئ، وتارة أجد فيه رائحة كريهة بعض الشيء، وتارة لا أجدها، وتارة تكون معه كتل صغيرة من الدم، وتارة يكون بلا كتل، وتارة يكون غليظا ومتماسكا، وتارة يكون لزجا، لذا وقعت في حيرة شديدة هل هو حيض أم استحاضة، فأحيانا تكون فيه صفات الحيض وفي نفس اليوم تكون فيه صفات الاستحاضة، وعندما رأته أمي في يوم السبت الماضي 5 جمادى الثاني قالت لي إنه حيض، واستمر على تلك الحال حتى يوم الأحد الماضي 6 جمادى الثاني، لكن في نفس اليوم الأحد 6 جمادى الثاني بعد العشاء بفترة بدأت كميته تقل، وبالأمس أيضا قلت كميته عن الأيام الماضية، أعتقد أنه بدأ يتحول إلى اللون البني الداكن ببطء، فماذا أفعل الآن إذا ـ لا قدر الله ـ لم أر الطهر حتى يوم الخميس القادم 10 جمادى الثاني؟ وهل أغتسل في يوم الخميس القادم الذي هو اليوم الخامس عشر منذ أن رأيت الكدرة؟ أم أن الاغتسال يكون في يوم الجمعة القادم الذي هو اليوم السادس عشر؟ وهل يجب علي أن أغتسل في مثل الوقت الذي بدأت أرى فيه الكدرة؟ أي بعد الظهر سواء كان يوم الخميس القادم أم يوم الجمعة القادم؟ أم أن الاغتسال يكون قبل الظهر؟ علما بأن هذا حدث معي في دورتي السابقة، وفي نفس التوقيت تقريبا أي في الأيام الأخيرة من الشهر لكنني نسيت في أي يوم بالضبط وهل هو 26 أو 27 أو 28، تبدأ الكدرة ثم تتطور ببطء شديد وتبقى معي أسبوعا أو أكثر أو أقل، ثم أرى الدم ثم يبقى معي مدة، ثم يبدأ بالتحول إلى الكدرة الداكنة ثم تتفتح الكدرة تدريجيا ببطء شديد إلى أن يمن الله علي وأرى الطهر الذي أعرفه وهو سائل أبيض نقي وأعتقد أنه ما يطلق عليه رطوبة الفرج، مع العلم أن دورتي إذا أتت طبيعية تبدأ بالكدرة أيضا وتنتهي بالكدرة والصفرة لكنها تتطور بشكل طبيعي سريعا حيث أرى الطهر في اليوم الثامن أو التاسع على ما أعتقد، أما الآن: فأنا في حيرة شديدة من أمري لا أعرف كيف أحسب أيام دورتي، وهل أحسبها من الوقت الذي أرى فيه الكدرة حتى وإن طالت مدتها إلى أسبوع أو أكثر طالما أنها متصلة بالدم وغير منفصلة؟ أم أحسبها من الوقت الذي أرى فيه الدم؟ كما أريد أن أسأل أيضا هل يلزم المستحاضة أن تغتسل عندما ترى الطهر كما تغتسل الحائض عند طهرها؟ وهل يجوز للمستحاضة أن تستنجي وتتحفظ قبل دخول وقت الصلاة بزمن يسير كنصف ساعة أو أكثر قليلا وتبقى على تحفظها ثم إذا دخل وقت الصلاة تتوضأ مباشرة دون أن تستنجي؟ أم أنه يلزمها الاستنجاء عند دخول وقت الصلاة حتى إن لم تشعر بخروج شيء؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالمفتى به عندنا أن الصفرة والكدرة لا تعد حيضا إلا إذا كانت في زمن العادة أو كانت متصلة بالدم بعده، وانظري الفتوى رقم: 134502.

وعليه، فما ترينه من كدرة سابقة للدم لا يكون حيضا إلا إن كان في مدة عادتك، فإن كان في مدة عادتك فإنك تجلسين حائضا وتدعين الصوم والصلاة من حين رؤيتها، وأما إن كان في غير مدة عادتك، فإنك تنتظرين حتى تري الدم، ومن حين رؤية الدم تعدين حائضا أيا كان لون هذا الدم وصفته، فإذا انقطع ما يعد حيضا قبل مرور خمسة عشر يوما فجميع ذلك حيض، وانظري الفتوى رقم: 118286.

وإن استمر ما تعدينه حيضا بالضابط المذكور حتى تجاوزت مدته خمسة عشر يوما وليلة فأنت مستحاضة فتفعلين ما تفعله المستحاضة مما هو مبين في الفتوى رقم: 156433.

وتحسب الخمسة عشر يوما من حين رؤية الدم أو الصفرة والكدرة في زمن العادة إلى نظير ذلك الوقت بعد خمسة عشر يوما، ولا يجب على المستحاضة أن تغتسل لكل صلاة، وإنما تغتسل مرة واحدة بعد انقطاع ما تعده حيضا، ثم تتوضأ لكل صلاة بعد دخول وقتها وتصلي بوضوئها الفرض وما شاءت من النوافل حتى يخرج ذلك الوقت، وفي لزوم إعادة التعصيب لها خلاف والراجح أنه لا يلزم، وانظري الفتوى رقم: 153353.

وبهذا التفصيل الذي ذكرناه نرجو أن يكون قد اتضح لك الأمر وزال عنك الإشكال.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني