الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يلزم الفتاة إخبار الخاطب بزوال بكارتها؟

السؤال

أنا فتاة عمري 22سنة، غير ملتزمة جدًّا، لكن في بداية دخولي للجامعة كنت محافظة على صلاتي جدًّا إلى أن لقيت فتى، وقال لي: أحبك، وكنت معجبة به، وارتبطت به على أمل أننا عندما ننهي الجامعة سنتزوج، وكان مثل الشيطان بالضبط، جرني إلى كل شيء محرم، ففعلته معه، لكن كان ضميري يؤلمني جدًّا، وأظل أستغفر ربي بعدها في صلاتي، المهم استمررت معه إلى أن وقعت معه في المحظور، لن أكذب وأقول إن ما حدث كان غصبًا عني، لا، بل كان باختياري، وبعد ذلك كتبنا ورقة أننا متزوجان، ولن أكذب أيضًا، هو لم يكن يريد أن يتركني أبدًا، لكن كان يعاملني أسوأ معاملة: ضرب، وشتم، وإهانة، وشك، إلى أن قررت أن أتركه، وقد تركته فعلًا، وقد حاول كثيرًا جدًّا أن يرجع لي، وإلى حد الآن لا زال يحاول أن يرجع لي، لا أعرف ماذا أفعل هل أرجع وأعيش حياتي معه في تعاسة؛ لأني أصبحت أكرهه جدًّا، وهو كله عيوب، ولا يفعل شيئًا صحيحًا في حياته، أو أجلس من غير زواج؟ فكرت كثيرًا في أن أجري عملية، لكن ضميري كان يؤنبني جدًّا؛ لأني بذلك سأخدع شخصًا آخر، لكني قررت أن أجري العملية بعد ما دخل شخص آخر في حياتي، تعرفت إليه في العمل، وأحبني جدًّا، قلت: لا بد أن أقول له الحقيقة، وهو يختار، فقال لي: أنا أحبك، ولا توجد عندي مشكلة في ما مضى، المهم عندي القادم، وكنت أكاد أن أطير من الفرح، وقلت: الحمد لله، إلى أن بدأ يحاول أن يستغلني، لكني خفت جدًّا من الله، وابتعدت عنه، لا أعرف ماذا أفعل؟ أشعر أن الله لن يسامحني أبدًا مهما فعلت، وأمي تتمنى أن تفرح بي، وأنا أيضًا أتمنى أن يكون لي بيت، وحياة مستقرة لكن ليس مع هذا الشخص، فهل الله سيسامحني؟ ولو أجريت العملية، وتزوجت شخصًا آخر دون أن أخبره بما حدث، فهل سيسترني الله، ويغفر لي ذنبي؟ أصبحت أخاف جدًّا من الموت؛ لأني لا أعرف ماذا سيفعل الله بي؟ هل يمكن أن أنسى ما مضى كأنها غلطة، مع أني أعرف أني سأعيش عمري كله وأنا أتألم بسبب هذا الأمر، ولن أرتاح أبدًا. أرجوكم أخبروني بالحل، إلا أن أتزوج ذلك الشخص، وقد علمت أن الورقة التي معي، لا فائدة منها دون شهود، آسفة على الإطالة عليكم، وشكرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فما يعرف اليوم بعلاقة الحبّ بين الشباب والفتيات، أمر لا يقرّه الشرع، ولا ترضاه آداب الإسلام، وإنما هو دخيل علينا من عادات الكفار، وثقافات الانحلال، وهو باب شر وفساد عريض، تنتهك باسمه الأعراض، وترتكب خلف ستاره المحرمات، وكل ذلك بعيد عن هدي الإسلام الذي صان المرأة، وحفظ كرامتها، وعفتها، ولم يرض لها أن تكون ألعوبة في أيدي العابثين، وإنما شرع أطهر سبيل، وأقوم طريق إلى العفاف بالزواج الشرعي لا سواه؛ وانظري الفتوى رقم: 1769.

ولا ريب في كون علاقتك بهذا الشاب الذي وقعت معه في الحرام، علاقة محرمة، وعليك مفارقته دون الالتفات لرغبته في الرجوع إليك.

وعليك المبادرة بالتوبة إلى الله عز وجل مما وقعت فيه من الحرام، والتوبة تكون بالإقلاع عن الذنب، والندم على فعله، والعزم على عدم العود له، مع الستر على النفس، وعدم المجاهرة بالذنب، فاعلمي أنك أخطأت بإقامة علاقة ثانية، وأخطأت بإخبار الرجل بما وقعت فيه من الحرام، واحذري من تكرار هذا الخطأ، واستري على نفسك، ولا تخبري أحدًا بما وقعت فيه من الحرام، لكن لا يجوز إجراء عملية ترقيع غشاء البكارة، كما بيناه في الفتوى رقم: 5047.

ولا يلزمك أن تخبري من يتقدم للزواج منك بزوال بكارتك، إلا إذا اشترط الزوج البكارة، فلا يجوز لك أن تكتمي عنه زوال البكارة، لكن لا يلزم أن تخبريه بسبب زوالها؛ وانظري الفتوى رقم: 135637.

واعلمي أنّ التوبة الصحيحة مقبولة - بإذن الله - والتوبة تمحو ما قبلها، والتَّائِبُ مِنْ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ، بل إن الله يفرح بتوبة العبد، ويحب التوابين، ويبدل سيئاتهم حسنات، وإذا صدقت في التوبة، فسوف يسترك الله، ويجعل عاقبتك خيرًا، فأحسني الظن به، وتوكلي عليه، وسوف يكفيك الله كل ما أهمك، قال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا {الطلاق:2}، وقال: وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ {الطلاق:3}.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني