الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ماذا يلزم المسافر إذا جامع زوجته المقيمة؟

السؤال

بحثت كثيرًا ولم أجد غيركم بعد الله يفتيني. أعيش خارج بلدي للدراسة، وعدت إلى بلدي من أجل الزواج، وكان ذلك في شهر رمضان، ومكثت هنالك مدة شهر، وبعدها عدت إلى بلد دراستي، وأثناء شهر رمضان جامعت زوجتي أربع مرات، في أربعة أيام مختلفة، في النهار، وكنا في هذه الأيام مفطرين، وهذا كان في رمضان الماضي عندما كنت مسافرًا، أما زوجتي فمقيمة، فماذا عليّ أنا وزوجتي -جزاكم الله خيرًا-؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن كان إفطاركما بعذر شرعي، فيلزمكما القضاء دون كفارة الجماع، كما سبق في الفتوى رقم: 39217.

أما إن كان بغير عذر شرعي، فالإفطار في رمضان بغير عذر شرعي كبيرة من كبائر الذنوب.

ومجرد حداثة الزواج ليست عذرًا للفطر، فعليكما المبادرة بالتوبة من هذا الذنب العظيم، والجرم الشنيع، مع الإكثار من الاستغفار، عسى الله أن يتوب عليكما، كما يلزمكما قضاء تلك الأيام، وانظر الفتويين: 12069، 39713.

وأما بالنسبة لكفارة الجماع، فإن كان الإفطار قد حدث قبل الجماع، ففي وجوب الكفارة خلاف، والأحوط إخراجها.

أما إن كان قد حدث بالجماع، فلا خلاف في وجوب الكفارة، وانظر الفتويين: 191085، 78236.

وكما تجب كفارة الجماع على الرجل، فإنها تجب على المرأة أيضًا على الراجح إذا كانت مطاوعة، وانظر الفتوى رقم: 104994.

والكفارة تكون عن كل يوم على حدة عند جمهور العلماء، وانظر الفتوى رقم: 114053.

وراجع بشأن الواجب في الكفارة الفتوى رقم: 185173 وإحالاتها.

وأما قولك إنك كنت مسافرًا، فالمسافر يجوز له الفطر في رمضان، ومن ثم فيلزمه القضاء فقط دون كفارة الجماع في نهار رمضان، وإن كان يأثم بتسببه في إفطار غيره بدون عذر.

ولكن اعلم أن رخص السفر تنقطع بأمور منها: نية إقامة أربعة أيام عند جمهور العلماء، فمن شروط السفر الذي يبيح الفطر: أن لا يعزم المسافر الإقامة خلال سفره مدة أربعة أيام بلياليها عند المالكية، والشافعية, وأكثر من أربعة أيام عند الحنابلة, وهي نصف شهر، أو خمسة عشر يومًا عند الحنفية. الموسوعة الفقهية.

ومنها إذا مر على مكان به زوجته، جاء في الروض المربع: ويتم المسافر إذا مر بوطنه، أو ببلد له به امرأة، أو كان قد تزوج فيه، أو نوى الإتمام. اهـ.

وفي الموسوعة الفقهية: يصير المسافر مقيمًا بأحد الأمور التالية:

الأول: العود إلى الوطن الأصلي، ولو لم ينو الإقامة فيه.

الثاني: الوصول إلى الموضع الذي يسافر إليه، إذا عزم على الإقامة فيه القدر المانع من الترخص، وكان صالحًا للإقامة.

الثالث: إذا تزوج المسافر ببلد، وإن لم يتخذه وطنًا، ولم ينو الإقامة.

الرابع: نية الإقامة في الطريق: ولا بد فيه من أربعة أشياء: نية الإقامة، ونية مدة الإقامة، واتحاد المكان، وصلاحيته للإقامة.

الخامس: الإقامة بطريق التبعية: وهو أن يصير الأصل مقيمًا، فيصير التبع أيضًا مقيمًا، بإقامة الأصل. اهـ بتصرف.

وجاء فيها أيضًا: والوطن الأصلي يجوز أن يكون واحدًا أو أكثر، وذلك مثل أن يكون له أهل ودار في بلدتين، أو أكثر، ولم يكن من نية أهله الخروج منها، وإن كان ينتقل من أهل إلى أهل في السنة، حتى إنه لو خرج مسافرًا من بلدة فيها أهله، ودخل بلدة أخرى فيها أهله، فإنه يصير مقيمًا من غير نية الإقامة. اهـ.

وعلى ذلك، فسواء وقع الجماع أثناء إقامتك في بلدك شهرًا، أم إقامتك في بلد الدراسة، فالحكم على ما سبق بيانه، ولا يجوز لك الترخص برخص السفر؛ وانظر الفتوى رقم: 115280.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني