الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل التصدق بالمال أفضل أم جمعه لإكمال نصاب الزكاة أو الذهاب به إلى الحج؟

السؤال

شخص ليست لديه القدرة المادية على ‏الزكاة والحج.‏ ما حكم الزكاة والحج بالنسبة له؟ هل الأولى ‏السعي لعملهما أم عمل السنن أفضل له؟ مع العلم ‏أن السعي لعملهما سيقلل من عمل السنن.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

ففي البداية ننبه على أن هذا السؤال لا يخلو من غموض, لكن نقول إن الحج لا يجب إلا بالاستطاعة البدنية، والمالية؛ لقول الله تعالى: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً [آل عمران:97].
كما أن الزكاة لا تجب إلا إذا توفرت شروط وجوبها: من ملك نصاب، وتمام الحول مثلا.

ومن لم تجب عليه الزكاة, ولم تتوفر لديه الاستطاعة للحج, فلا يطالب بهما, ولايجب عليه توفير المال لكي يجبا عليه.

جاء في الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين: مسألة: هل يجب عليه أن يجمع مالاً لكي يزكي، وهل يجب عليه إذا تم الحول على نصاب من المال، أن يقوم بما يلزم لإخراج الزكاة؟

الجواب: لا يجب عليه جمع المال ليزكيه، ويجب عليه إذا حال الحول على نصاب من المال، أن يقوم بما يلزم لإخراج زكاته. والفرق بينهما أن ما لا يتم الوجوب إلا به، فليس بواجب، وأما ما لا يتم الواجب إلا به، فهو واجب؛ فتحصيل المال ليزكي، تحصيل لوجوب الزكاة، وليس بواجب. ومثله الحج هل نقول: يجب على الإنسان أن يجمع المال ليحج؟ أو نقول: إذا كان عنده مال، فليحج؟ الجواب: إذا كان عنده مال فليحج، وأما الأول فلا يجب. انتهى.

لكن هل الأفضل للشخص أن يجمع مالا للحج, أو للزكاة, أو يتصدق به في بعض وجوه الخير؟

لم نقف على كلام لأهل العلم في هذه المسألة بخصوصها, لكن الذي يظهر ـ والله أعلم ـ أن الأفضل هو المبادرة بالتصدق في وجوه الخير؛ لما ثبت من الترغيب في المسارعة إلى ذلك خشية حدوث ما يمنع ذلك من موت, أو عجز, أو فتنة, أو نحو ذلك, فقد قال صلى الله عليه وسلم: بادروا بالأعمال فتنا كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمنا، ويمسي كافرا. أو يمسي مؤمنا، ويصبح كافرا، يبيع دينه بعرض من الدنيا. رواه الإمام مسلم, وغيره.

وفي رواية للترمذي: بادروا بالأعمال سبعا، هل تنظرون إلا فقرا منسيا، أو غنى مطغيا، أو مرضا مفسدا، أو موتا مجهزا، أو الدجال، فشر غائب ينتظر، أو الساعة، فالساعة أدهى وأمر.
قال النووي في شرحه لصحيح مسلم: معنى الحديث الحث على المبادرة إلى الأعمال الصالحة قبل تعذرها، والاشتغال عنها بما يحدث من الفتن الشاغلة، المتكاثرة، المتراكمة كتراكم ظلام الليل المظلم. انتهى.

ولأن هذا الشخص قد لا يتمكن من توفير ما يكفي للحج, أو الزكاة, أو يموت قبل ذلك, فتفوته بعض الأعمال الصالحة التي كان يستطيع فعلها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني