الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مسائل متعددة في زكاة المال

السؤال

أنا شاب أبلغ من العمر 26سنة، من الجزائر لم أكمل دراستي، وليس لدي عمل ثابت، بدأت بأعمال حرة والتي تم ذكرها عن طريق النت، وأبيع خدمات أنظمة ديكودر للتفرج على القنوات المشفرة ـ خالية من القنوات الإباحية ـ ومنذ 2011 وأنا أمارس هذا النشاط ومازلت فيه؛ لأنني لم أجد عملا آخر، وجمعت مبلغا، ومازلت أجمع بقصد عمل ثابت وأتزوج وأستقر، وإلى غاية 2012 جمعت ما يقارب 20 ألف دولار، واشتريت منها سيارة ثم بعتها واشتريت أخرى، وحاليا لدي 26 ألفا زائدة على المبلغ المتبقي من السيارة ـ وهو 8 آلاف دولار ـ ولدي مبلغ كان يرسل لي على خدماتي في الحساب البريدي وقدره: 6 آلاف دولار، فالمجموع 40 ألف دولار، وفي السنة الماضية قيل لي إن الزكاة واجبة علي فأخرجت في شهر ديسمبر 2013 ـ لم أكن أعرف الشهر القمري ـ زكاة 2,66 مرتين عن العام السابق، حيث أخطأت وأخرجتها مرتين، ثم نويتها للعام 2012، وقلت في نفسي 2,66 لعام 2013 وأخرى لعام 2012، ولم أكن أعرف موعد الحول، بل ارتكزت على ما أملك وأخرجت الزيادة، فهل الزكاة واجبة علي مع أنني أجمع المال لتحسين معيشتي وليس لدي فائض مالي لا أحتاجه ولست غنيا؟ وإذا كانت واجبة علي فكيف أخرجها بالتدقيق؟ وكيف يكون الحول؟ فخلال 12 شهرا تدخل أموال وتخرج وكيف يكون الحول ومتى؟ وهذا مثال أريد منه الشرح والتبسيط: زكاتي في شهر شوال وأخرجت زكاة مبلغ معين، وبعد شوال دخلتني مبالغ متفرقة، وقبل شوال القادم بشهرين دخلني مبلغ معين، فهل أضيفه للزكاة مع أنه منذ شهرين فقط؟ وهل زكاتي التي أخرجتها من قبل مقبولة؟ وهل يغفر لي الله ويبارك لي في رزقي؟ أم علي أن أقوم بأمر آخر حتى تكون مقبولة؟.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فجوابنا يتخلص فيما يلي:

أولا: أما هل الزكاة واجبة في مالك مع أنك تجمعه لتحسين معيشتك وللزواج.. إلخ، فالجواب نعم، فمادمت تملك نصابا وحال عليه الحول فقد وجبت فيه الزكاة، ولتعلم أن إخراج الزكاة فيه بركة لك ولمالك، وقد قال الله تعالى: وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ {سبأ: 39}.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ... رواه مسلم.

قال النووي في شرحه: ذَكَرُوا فِيهِ وَجْهَيْنِ: أَحَدهمَا مَعْنَاهُ أَنَّهُ يُبَارَك فِيهِ، وَيَدْفَع عَنْهُ الْمَضَرَّات، فَيَنْجَبِر نَقْص الصُّورَة بِالْبَرَكَةِ الْخَفِيَّة، وَهَذَا مُدْرَك بِالْحِسِّ وَالْعَادَة، وَالثَّانِي أَنَّهُ وَإِنْ نَقَصَتْ صُورَته كَانَ فِي الثَّوَاب الْمُرَتَّب عَلَيْهِ جَبْر لِنَقْصِهِ وَزِيَادَة إِلَى أَضْعَاف كَثِيرَة. اهـ.

ثانيا: الزكاة تجب في النقود إذا توافر فيها شرطان:

أولهما: أن تبلغ نصابا وهو ما يساوي 85 جراما من الذهب أو 595 جراما من الفضة.

وثانيهما: أن يحول عليها الحول، فمن ملك من النقود ما يساوي قيمة نصاب ذهب أو نصاب فضة ثم حال عليها الحول عنده فقد وجبت فيها الزكاة، ومقدارها ربع العشر أي 2.5 % .

ثالثا: المقصود بمرور الحول أن تمر سنة قمرية على أول يوم بلغ المال فيه النصاب، فانظر متى صار عندك من المال ما يساوي نصاب ذهب أو نصاب فضة ثم احسب سنة هجرية من ذلك اليوم، وبهذا تعرف حول الزكاة.

رابعا: الأموال التي تدخل عليك أثناء الحول إن كانت ربحا ناتجا عن المتاجرة في النصاب، فإنك تزكيها معه فتحصي النصاب وربحه وتخرج من الكل ربع العشر أي 2.5 %، ومثال ذلك: لو ملكت نصابا في شهر شوال كما قلت، فإنك تزكي هذا النصاب في شهر شوال التالي وتزكي معه كل ما دخل عليك من الربح الناتج عنه أثناء الحول حتى ولو يحل الحول على هذا الربح، لأن حولَ الربحِ حولُ أصله.

خامسا: إذا كان المال الذي يدخل عليك أثناء الحول ليس ربحا ناتجا عن المتاجرة في النصاب، بل حصل عن طريق أجرة أو أي نشاط آخر فلك فيه طريقان:

أولهما: أن تزكيه مع النصاب إن شئت، وهذا ليس أمرا واجبا عليك، ولكنه أسهل في حساب الزكاة، ففي المثال السابق إذا جاء شهر شوال أخرجت زكاة النصاب وكل ما تجدد عليك أثناء الحول.
وثانيهما: أن تستقبل به حولا جديدا خاصا به فتخرج زكاته بعد مرور حول على دخوله في ملك، وتزكيه ولو كان أقل من النصاب، لأنه بضمه لأموالك الأخرى يكون بالغا النصاب، ففي المثال السابق لو دخل عليك مال جديد في شهر ذي الحجة بعد شوال فإنه إذا جاء شهر شوال التالي أخرجت زكاة النصاب وربحه، لأن هذا شهر حوله، ولا تخرج زكاة ما دخل عليك في ذي الحجة معه، وإنما تخرجه إذا جاء ذو الحجة.

سادسا: الزكاة التي أخرجتها وذكرت أنك أخطأت في حسابها ثم نويتها عن سنتين تجزئك عن السنتين مادمت قد نويت فيها الزكاة، ولا يضرك كونك نويتها عن سنة واحدة في أول الأمر، والمهم أن يكون المبلغ مساويا لما يجب إخراجه عن سنتين.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني