الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم تشريح جثث الموتى لدارسي الطب

السؤال

أنا طالب علم وملتحق بكلية الطب، وأريد ـ بإذن الله ـ أن أكون باحثا، والعقبة الكبرى هي أن الأبحاث ربما تحتاج عاجلا أم آجلا للتجريب على البشر الأحياء، وتشريح جثث الموتى، وكلما تذكرت ذلك تثبط عزيمتي، فأنا لا أرضى لنفسي أن تجرب علي التجارب فكيف أرضاها لغيري؟ ولكنني أعاود التفكير فأجد أننا لو فكرنا بهذه الطريقة فلن نفلح وسنظل دائما نعتمد على غير المسلمين لمداواة مرضانا ـ ومعاذ الله ـ أن نتبع طريق الخرفات، وأن أي داء نفسي أو عضوي سببه السحر والحسد والجن نلجأ ـ والعياذ بالله ـ إلى مدعي العلاج بالقرآن والدجالين.....

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد سبق أن بينا حكم التشريح البشري لأجل تعليم الأطباء، ورجحنا الجواز لاعتباراتٍ ذكرناها في الفتوى رقم: 6777.

وذكرنا فيها شروطاً، منها عدم تشريح المسلم مع إمكان تحصيل جثة غير مسلم، وذكرنا لذلك أيضاً ضوابطَ أخرى وآداباً في الفتوى رقم: 110174، فراجع كل ذلك تجد فيه الجواب إن شاء الله.

ولكن لنا ملاحظة على قولك: ونلجأ - والعياذ بالله - إلى مدعي العلاج بالقرآن والدجالين.....إلخ، فإن كنت تؤمن بأن القرآن شفاء للناس، ولكن تشكك في أمانة مدعي العلم بذلك، فذلك لا ينبغي أن يعمم، بل ينظر في حال كلٍّ بحسبه من كونه عالماً بهذا العلم ثقةً مأموناً، كما ينظر إلى ذلك في المفتي والداعية والخطيب، والمعلم، والطبيب، وغيرهم، وقد قال الله تعالى: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا {الإسراء:82}.

قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي ـ رحمه الله ـ في تفسير الآية: فالقرآن مشتمل على الشفاء والرحمة، وليس ذلك لكل أحد، وإنما ذلك للمؤمنين به، المصدقين بآياته، العاملين به، وأما الظالمون بعدم التصديق به أو عدم العمل به، فلا تزيدهم آياته إلا خسارًا، إذ به تقوم عليهم الحجة، فالشفاء الذي تضمنه القرآن عام لشفاء القلوب، من الشبه، والجهالة والآراء الفاسدة، والانحراف السيئ، والقصود السيئة. فإنه مشتمل على العلم اليقيني الذي تزول به كل شبهة وجهالة، والوعظ والتذكير الذي يزول به كل شهوة تخالف أمر الله، ولشفاء الأبدان من آلامها وأسقامها. اهـ

ولم يذكر الله تعالى في كتابه شفاءً إلا باثنين: القرآن، في هذه الآية وغيرها، والعسل في قوله تعالى: ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ {النحل:69}.

وهذا التخصيص يستشهد به على عظم أثر هذينِ في الشفاء من الأسقام، لا سيما كلامُ الله الذي ما تكلم أحدٌ بمثل كلامه تباركت أسماؤه وصفاته، ويشهد لما ذكرنا الحديثُ الذي صححه الحاكم والذهبي: عليكم بالشفاءين العسل والقرآن.

وقد ثبت من غير ما وجهٍ أن النبي صلى الله عليه وسلم قد شرع للأمة علاج الأمراض البدنية بالقرآن، وانظر للأهمية الفتوى رقم: 101219، وما أحيل عليه فيها، حيث ذكرنا الردَّ على من زعم من الأطباء عدم وجود علاج للأمراض البدنية بالقرآن.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني