الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا يجب على الزاني الزواج بمن زنى بها

السؤال

أنا شاب مغترب عازب من عائلة محترمة ومتدينة، أتم الله علي بنعمة العمرة أكثر من مرة وأتممت الحج، الحمد لله.
وقعت في الحرام، والشيطان أغراني وزنيت مع بنت أكتر من مرة ودخلت بها، علما بأنها كانت بكرا ولم تعد بكرا بسببي وهي لا تعلم، ولكن بعد ذلك حدث وأن أقنعتني أن أمارس معها جنس سطحي وهي سكرانة، بل وهي التي ألحت علي مرات عديدة حتى أسكر معها، وكانت لا تخاف على نفسها معي عسى أنها عارفة أني لن أوذيها، وحتى لو حصل وأفقدتها عذريتها لن أتخلى عنها وسأتزوجها، والآن أنا أريد الزواج منها فعلا، ولكن بيننا مشاكل كثيرة في فروق التربية والأدب والأخلاق، ومعرفة الحلام من الحرام، والصحيح من الخطأ، وأهلي يرفضون لأنها تعمل مضيفة طيران، وقد فتحت الموضوع مع أبي مرة ورفض؛ لأنه معترض على سوء طريقتها في النقاش وعلى مهنتها، فهو لا يرى أن الأهل طيبون ما داموا تركوا ابنتهم تعمل في هذا المجال، وتغترب وتسافر كل يوم في بلد.
أحاول الآن مرة أخرى أن أقنع والدي بأن البنت طيبة، خاصة أنها حجت هذا العام وتحبني، يوجد بيننا بعض المشاكل بسبب طريقة تربيتها، وبسبب عدم سماعها الكلام، وبسبب رفضها ارتداء الحجاب بدعوى أنها لبسته قبل ذلك ونزعته؛ لأنها غير مقتنعة، ولكني أحاول بكل الطرق أن أساعد في تقويمها، وأساعدها على الفعل الحلال، حتى أني ـ والله العظيم ـ لم أستطع التركيز في عملي، فكل همي أن أصحح من شخصيتها كي أتزوجها؛ لأني أعلم إن لم أتزوجها سأكون آثما؛ لأنها فقدت بكارتها مني، ولكن أريد أن أعرف رأي الدين، هل واجب علي أن أتزوجها سواء أهلي راضون أو رافضون؟! مع العلم كما قلت أن البنت لا تعلم أنها لم تعد بكرا؛ لأنها كانت في غير وعيها عندما حدث ما حدث، (باختصار كانت مخمورة، وأرادت عمدا أن أمارس معها الجنس، فأصبحت غير بكر ولم تعلم هي بالأمر).
هل علي إثم إن لم أتزوج منها؟! هل الواجب أن أتزوجها؟! ما حكم الدين إن تبت ولم أتزوجها إن لم تسمع الكلام وتتغير للأحسن، وإن رفضت أن تكون زوجة صالحة؟!
هل يجب أن أخبرها (في الحالتين، في حالة أني تزوجتها أو إن لم أتزوجها) أنها لم تعد بكرا أم أسترها وأبقي الأمر سرا؟!
هل يقبل الله توبتي في حالة التوبة عن الزنا وعدم الزواج منها؟ أم أن الله سيريني مكروها في أختي أو بنتي أو أمي إن لم أتزوج من تلك الفتاة حتى لو تبت توبة نصوحة؟!
مع العلم أنه يوجد فروق كثيرة في التربية والأخلاق بيني وبينها، وهذا ما يجعل أبي يرى أني أستحق فتاة أفضل منها، ولكني أتغاضى عن كل هذا حتى أرتاح من عذاب الضمير، فأرى أن أتزوج منها حتى لو حصل طلاق بعد ذلك، فأكون صححت خطئي بأن جعلتها تفقد عذريتها.
آسف للإطالة ولكني أردت أن أعرض الأمر كله عليكم حتى أعرف حدود الله كاملة، وحتى أعرف ما الواجب وما ليس واجبا، فأنا أعلم تماما أن الأحق هو التوبة، ولكن أمر الزواج وإخبارها بفقدانها عذريتها لا أدري ماذا أفعل؟!
أفيدوني أفادكم الله.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

إن ما حدث بينك وبين هذه الفتاة من الوقوع في الزنا والتعدي لحدود الله لهو خير شاهد على عظمة هذ الدين حين شدد في أمر العلاقة بين الرجل والأجانب من النساء؛ لأن الشيطان يستغل مثل هذه الفرصة لإشاعة الفاحشة ونشر الفساد في مجتمع المسلمين، وراجع الفتوى رقم: 33105، والفتوى رقم: 139243. فالواجب عليكما المبادرة إلى التوبة.

وأما الزواج، فلا يلزمك على كل حال الزواج منها، ولا تأثم إن لم تتزوجها، وهي قد جنت على نفسها حين طاوعتك على الزنا، بل ودعتك إليه، فهي الظالمة لنفسها بهذا الفعل الشنيع، وزوال البكارة بالزنا أمر متوقع أصلا، وراجع الفتوى رقم: 123783. ولا يجوز لك الحديث معها بشأن بكارتها، بل يجب عليك اجتنابها تماما إن كنت تريد لنفسك السلامة.

وإن تبت من الزنا توبة صادقة كانت توبة صحيحة، وليس بلازم أن يعاقب من وقع في الزنا بأن يعاقب بسببه في أهله، وخاصة إن كان قد تاب إلى الله تعالى وأناب، وانظر الفتوى رقم: 188785.

ولا يجوز للابن الزواج من فتاة لا يوافق أبواه على نكاحه منها، إذا أبديا مانعا معتبرا شرعا، وذلك لوجوب برهما عندئذ، إلا أن يخاف الابن على نفسه من الوقوع في الحرام إن لم يتزوجها، لأن طاعة الوالدين مقيدة بالمعروف، وهو ما أوضحناه في الفتوى رقم: 93194.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني