الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المفاضلة بين صلاة المرأة منفردة مع طول القراءة والخشوع وصلاتها في جماعة بدونهما

السؤال

شيخنا: هل الأفضل الصلاة منفردة لأطيل وأحس بخشوع أكبر؟ أم صلاة الجماعة؟.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فإن كانت السائلة امرأة ـ كما يظهر من بيانات السؤال ـ وتسأل عن المفاضلة بين صلاتها في البيت منفردة وبين صلاتها في المسجد جماعة، فإن صلاتها في بيتها أعظم أجرا عند الله تعالى؛ سواء أطالت الصلاة أم لا، وأحرى لو أطالتها وخشعت فيها، والدليل على تفضيل صلاة المرأة في بيتها على صلاتها في جماعة المسجد قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تَمْنَعُوا نِسَاءَكُمْ الْمَسَاجِدَ، وَبُيُوتُهُنَّ خَيْرٌ لَهُنَّ. رواه أحمد وأبو داود.

وكذا: قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأم حميد زوجة أبي حميد الساعدي حين جاءته، فقالت: يَا رَسُولَ اللَّهِ: إِنِّي أُحِبُّ الصَّلَاةَ مَعَكَ، قَالَ قَدْ عَلِمْتُ أَنَّكِ تُحِبِّينَ الصَّلَاةَ مَعِي، وَصَلَاتُكِ فِي بَيْتِكِ خَيْرٌ لَكِ مِنْ صَلَاتِكِ فِي حُجْرَتِكِ، وَصَلَاتُكِ فِي حُجْرَتِكِ خَيْرٌ مِنْ صَلَاتِكِ فِي دَارِكِ، وَصَلَاتُكِ فِي دَارِكِ خَيْرٌ لَكِ مِنْ صَلَاتِكِ فِي مَسْجِدِ قَوْمِكِ، وَصَلَاتُكِ فِي مَسْجِدِ قَوْمِكِ خَيْرٌ لَكِ مِنْ صَلَاتِكِ فِي مَسْجِدِي. رواه أحمد.
ومثله قوله صلى الله عليه وسلم: صَلَاةُ الْمَرْأَةِ فِي بَيْتِهَا أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهَا فِي حُجْرَتِهَا، وَصَلَاتُهَا فِي مَخْدَعِهَا أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهَا فِي بَيْتِهَا. رواه أبو داود.

والمقصود ببيتها، كما في عون المعبود: أَيْ الدَّاخِلَانِيّ، لِكَمَالِ سِتْرهَا، وقوله: فِي حُجْرَتهَا: أَيْ صَحْن الدَّار، قَالَ اِبْن الْمَلَك: أَرَادَ بِالْحُجْرَةِ مَا تَكُون أَبْوَاب الْبُيُوت إِلَيْهَا وَهِيَ أَدْنَى حَالًا مِنْ الْبَيْت: وَصَلَاتهَا فِي مَخْدَعهَا ـ وَهُوَ الْبَيْت الصَّغِير الَّذِي يَكُون دَاخِل الْبَيْت الْكَبِير يُحْفَظ فِيهِ الْأَمْتِعَة النَّفِيسَة: أَفْضَل مِنْ صَلَاتهَا فِي بَيْتهَا، لِأَنَّ مَبْنَى أَمْرهَا عَلَى التَّسَتُّر. اهـ.

وأما إن كانت تسأل عن المفاضلة بين صلاتها منفردة في بيتها وبين صلاتها في بيتها أيضا ولكن جماعة: فإن العلماء اختلفوا أصلا هل ينال المرأة فضيلة الجماعة ـ التضعيف ـ أم ذلك مختص بالرجال، ومن العلماء من كره الجماعة في حق النساء، وقد رجحنا في الفتوى رقم: 73653، أنه تستحب لهن الجماعة كالرجال.

وعلى هذا، فإن الأفضل للسائلة الجمع بين الأمرين ـ أي أداؤها جماعة مع الخشوع وتطويل الصلاة ـ ولو تعذر هذا ودار الأمر بين أدئها منفردة مع طول الصلاة والخشوع فيها، وبين أدائها جماعة مع قصر الصلاة وعدم الخشوع فيها، فإننا لم نجد كلاما للفقهاء في هذه المسألة بعينها، والذي يظهر أن أداءها منفردة أفضل من أدائها جماعة، لأمرين:

أولهما: أن تحصيل فضيلة الخشوع تقدم على تحصيل فضيلة الجماعة من غير خشوع، إذ الخشوع لب الصلاة وروحها بل لا تصح الصلاة بدونه عند بعض الفقهاء، بينما الجماعة ليست واجبة على المرأة.

ثانيهما: أنه انضم إلى الخشوع طول الصلاة، وهذه فضيلة في ذاتها، لحديث: أَفْضَلُ الصَّلَاةِ طُولُ الْقُنُوتِ. رواه مسلم. فتحصيل فضيلتين ـ وهما الخشوع وطول الصلاة ـ تتعلقان بذات الصلاة أفضل من تحصيل فضيلة واحدة وهي الجماعة وإن كانت تتعلق بذات الصلاة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني