الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم تنفيذ وصية الميت بالحج أو العمرة عنه من تركته

السؤال

أوصت امرأة مريضة بمرض دائم عند موتها أن يقوموا بعمرة عنها من مالها الذي تتركه، وبعد مدة توفيت ـ علما بأنها لم تكن متزوجة ولم تعتمر من قبل، فهل من يقوم بأداء العمرة عنها لابد أن يكون قد اعتمر من قبل؟ وفي هذه الحالة هل ينوي العمرة عن المتوفاة من بلده؟ وهل يستطيع أن يعتمر عن نفسه بعد أن يقوم بأداء العمرة عنها؟.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن هذه المرأة التي ذكرتم أنها لم تعتمر من قبل، إن لم تكن قد توفرت فيها شروط وجوب الحج والعمرة خلال حياتها فإن الواجب تنفيذ وصيتها بالعمرة فحسب، وهي من الثلث فقط، فإن زادت على الثلث، فلابد من إمضاء الورثة ما زاد على الثلث، كما تقدم في الفتوى رقم: 51540.

وإن كانت قد ماتت بعد أن وجب عليها الحج والعمرة لتوفر شروطهما ولم تؤدهما، فإن الواجب تأديتهما من مالها الذي تركت، إذ الراجح من كلام أهل العلم أن من توفي بعد وجوب الحج والعمرة عليه وجب على ورثته إخراج أجرة من يحج ويعتمر من ماله نيابة عنه، كما سبق في الفتوى رقم: 28126.

وبذلك يكون الفرض قد سقط عنها، وتم تنفيذ وصيتها أيضا، جاء في أحكام القرآن للطحاوي: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ أَخْبَرَنِي قَيْسٌ، عَنْ عَطَاءٍ: فِي رَجُلٍ أَوْصَى أَنْ يُحَجَّ عَنْهُ وَلَمْ يَكُنْ حَجَّ الْفَرِيضَةَ، قَالَ: يُحَجُّ عَنْهُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ، وَالزَّكَاةُ مِثْلُ ذَلِكَ. اهـ.

ويقول الشيخ بن باز رحمه الله:.. من كان يستطيع في حياته الحج ببدنه وماله، فهذا يجب على ورثته أن يخرجوا من ماله لمن يحج عنه، لكونه لم يؤد الفريضة التي مات وهو يستطيع أداءها وإن لم يوص بذلك، فإن أوصى بذلك فالأمر آكد. اهـ بتصرف يسير.

وقد ورد إلى اللجنة الدائمة سؤال يقول صاحبه: رجل مات ولم يقض فريضة الحج وأوصى أن يحج من ماله ويسأل عنه صحة الحجة...؟ فأجابوا: إذا مات المسلم ولم يقض فريضة الحج وهو مستكمل لشروط وجوبها وجب أن يحج عنه من ماله الذي خلفه، سواء أوصى بذلك أو لم يوص، وإذا حج عنه غيره ممن يصح منه الحج وكان قد أدى فريضة الحج عن نفسه صح حجه عنه وأجزأ في سقوط الفرض عنه... اهـ.

ولا مانع من تكليف شخص واحد بالحج والعمرة عنها، ولكن لابد فيمن يحج أو يعتمر عنها أن يكون قد أدى عن نفسه من قبل ما سيؤديه عنها، بدليل ما رواه أبو داود وابن ماجه، وصححه ابن حبان من حديث ابن عباس ـ رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقول لبيك عن شبرمة، قال: من شبرمة؟ قال أخ لي أو قريب لي، فقال: حججت عن نفسك؟ قال لا، قال: حج عن نفسك، ثم عن شبرمة.

أما بالنسبة للمكان الذي يحرم منه النائب في الحج أو العمرة: فراجعي فيه الفتويين رقم: 32139، ورقم: 10014.

ولا مانع من أن يعتمر النائب عن نفسه بعد الفراغ من أداء الحج أوالعمرة عن المرأة المتوفاة، وله حينئذ أن يذهب إلى التنعيم أو إلى أي مكان من الحل ليحرم منه عن نفسه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني