الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الطفل إذا اختلف دين الوالدين

السؤال

أخي متزوج بامرأة أجنبية نصرانية، وهو مسلم ـ والحمد لله ـ فما حكم الطفل الذي يولد؟ وهل يكون مسلما على ديانة أبيه؟ كما أريد الأدلة التي تثبت أن الطفل على ديانة الأب من القرآن الكريم أو أحاديث شريفة، لتأكيد المعلومة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإذا كان الوالد مسلما، والوالدة غير مسلمة، فلا خلاف في تبعية الولد لدين أبيه، قال ابن القطان في الإقناع في مسائل الإجماع: حكم الطفل حكم أبويه بإجماع، وحكمه حكم أبيه، وهم مختلفون هل حكمه حكم أمه إذا أسلمت؟. اهـ.

وقال ابن بطال في شرح صحيح البخاري: أجمع العلماء في الطفل الحربي يُسبى ومعه أبواه، أن إسلام الأب إسلام له، واختلفوا إذا أسلمت الأم. اهـ.

وقال ابن القيم في أحكام أهل الذمة: قال مالك: لا يتبع أمه في الإسلام، بل تختص التبعية بالأب، لأن النسب له، والولاية على الطفل له، وهو عصبة، وقد قال تعالى: والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم {الطور: 21} والذرية إنما تنسب إلى الأب، وخالفه ابن وهب، فوافق الجمهور في تبعية الأب والأم. اهـ.

وجاء في الموسوعة الفقهية: إذا اختلف دين الوالدين بأن كان أحدهما مسلما والآخر كافرا، فإن ولدهما الصغير، أو الكبير الذي بلغ مجنونا، يكون مسلما تبعا لخيرهما دينا، هذا مذهب الحنفية والشافعية والحنابلة... أما عند المالكية: فإن الولد غير المميز يتبع في الإسلام أباه فقط، لا أمه ولا جده. اهـ.

وقد بيَّن ابن القيم في إعلام الموقعين الحكمة من ذلك فقال: الطفل لا يستقل بنفسه، بل لا يكون إلا تابعا لغيره، فجعله الشارع تابعا لخير أبويه في الدين تغليبا لخير الدينين، فإنه إذا لم يكن له بد من التبعية لم يجز أن يتبع من هو على دين الشيطان، وتنقطع تبعيته عمن هو على دين الرحمن، فهذا محال في حكمة الله تعالى وشرعه. اهـ.

وقال في تحفة المودود: الولد يتبع أمه في الحرية والرق، ويتبع أباه في النسب، والتسمية تعريف النسب والمنسوب، ويتبع في الدين خير أبويه دينا. اهـ.

وقد سبق لنا ذكر أقوال أهل العلم في هذه المسألة، وذلك في الفتوى رقم: 97794.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني