الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم تأخير الصلاة والجمع بينها بسبب المرض

السؤال

أعاني من مرض "ذي القطبين" واضطراب وجداني، وهو مرض نفسي، والدواء الذي آخذه والمرض نفسه يسبب الخمول والكسل، وصرت سمينًا جدًّا، وتفوتني بعض الصلوات على وقتها أو في الجامعة، فهل أنا معذور لأني مطالب بأخذ الدواء مرتين في اليوم مع الطعام؟ ثم أصبحت لا أخرج إلا قليلًا، وأنزعج بسرعة، وقمت بالاعتكاف في رمضان الماضي، لكني الآن أنام كثيرًا.
وما حكم أبي الذي يصلي أيضًا في أوقات غير مشروعة بسبب عدم القدرة على النوم الجيد في هذه الأيام؟ علمًا أننا قريبون من المسجد لكن لا نسمع الأذان في دار غير المسلمين.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فإننا أولًا: نسأل الله لك الشفاء العاجل.

وثانيًا: ما فاتك من الصلوات بسبب النوم قبل دخول الوقت وعدم الاستيقاظ في الوقت فأنت معذور فيه -إن شاء الله تعالى-؛ لحديث: «أَمَا إِنَّهُ لَيْسَ فِيَّ النَّوْمِ تَفْرِيطٌ، إِنَّمَا التَّفْرِيطُ عَلَى مَنْ لَمْ يُصَلِّ الصَّلَاةَ حَتَّى يَجِيءَ وَقْتُ الصَّلَاةَ الْأُخْرَى ...» رواه مسلم. وما فاتك من الصلوات بسبب النوم بعد دخول الوقت فأنت مفرط فيه؛ إذ لا يجوز في الأصل لمن دخل عليه وقت الصلاة أن ينام قبل أدائها، والتفصيل ينظر في الفتوى رقم: 138634، والفتوى رقم: 141107. والكسل والخمول الذي يحصل بسبب أخذ الدواء لا يبرر تأخير الصلاة حتى يخرج وقتها لمن كان مستيقظًا، بل الواجب الحرص على أدائها في الوقت بحسب الاستطاعة، ولا يسقط هذا عن المريض ما دام مكلفًا إلا أن ينوي الجمع، وكان مرضه مما يبيح له الجمع؛ قال ابن قدامة في المغني: وَالْمَرَضُ الْمُبِيحُ لِلْجَمْعِ هُوَ مَا يَلْحَقهُ بِهِ بِتَأْدِيَةِ كُلِّ صَلَاةٍ فِي وَقْتِهَا مَشَقَّةٌ وَضَعْفٌ. قَالَ الْأَثْرَمُ: قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: الْمَرِيضُ يَجْمَعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ؟ فَقَالَ: إنِّي لِأَرْجُوَ لَهُ ذَلِكَ إذَا ضَعُفَ، وَكَانَ لَا يَقْدِرُ إلَّا عَلَى ذَلِكَ ... اهـ. والجمع بين الصلاتين بعذر المرض قد أجازه كثير من العلماء، وانظر الفتوى رقم: 282607 عن مذاهب العلماء في الجمع بين الصلاتين للمريض، ويجب على والدك أيضًا أن يصلي الصلاة لوقتها، ويحرم عليه تأخيرها حتى يخرج وقتها، وما دام المسجد قريبًا كما ذكرت فإنه ينبغي له المحافظة على الصلاة في المسجد؛ فإن كثيرًا من الفقهاء يرى وجوبها وحرمة التخلف عنها، وكونه لا يسمع الأذان لأنه يعيش في بلاد الكفر هذا في ذاته لا يمنع المحافظة عليها في المسجد، وكم من المسلمين الذين يعيشون هناك ولا يسمعون الأذان، وهم مع هذا من أشد الناس محافظة على الصلاة في المسجد؟! وانظر الفتوى رقم: 174811.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني