الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المقصود بالبقيع، وفضل الموت في المدينة المنورة

السؤال

رجل من أهل البدع والضلال، ودفن في البقيع، فما هو موقفه من أحاديث النبي عليه الصلاة والسلام في الشفاعة؟ وما هو المقصود بالبقيع هل هو الذي كان أيام النبي عليه الصلاة والسلام أم كما هو الآن؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فانا نرجو الخير لمن مات من أهل التوحيد ودفن بالبقيع أن تناله الشفاعة، وذلك لما في صحيح مسلم: «لكل نبي دعوة مستجابة، فتعجل كل نبي دعوته، وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي إلى يوم القيامة، فهي نائلة ـ إن شاء الله ـ من مات من أمتي لا يشرك بالله شيئا».

ولا يمنع ذلك أن تناله بعض العقوبة بسبب بعض معاصيه، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى: إذا اجتمع في الرجل الواحد خير وشر وفجور، وطاعة ومعصية، وسنة وبدعة: استحق من الموالاة والثواب بقدر ما فيه من الخير، واستحق من المعاداة والعقاب بحسب ما فيه من الشر، فيجتمع في الشخص الواحد موجبات الإكرام والإهانة، فيجتمع له من هذا، وهذا كاللص الفقير تقطع يده لسرقته, ويعطى من بيت المال ما يكفيه لحاجته, هذا هو الأصل الذي اتفق عليه أهل السنة والجماعة, وخالفهم الخوارج والمعتزلة ومن وافقهم عليه...

وأما عن المقصود بالبقيع؟ فقد قال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ: وهذه الدعوة يرجى أن تشمل من كان من أهل بقيع الغرقد إلى يوم القيامة، ويحتمل أن يراد بهم أهل بقيع الغرقد الذين كانوا أهله في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام فقط، فلا يشمل من يأتي بعدهم، ولكن من كان من أهل الرحمة فهو من أهل الرحمة، سواء حصلت له هذه الدعوة أم لم تحصل، ومن كان من أهل الشقاء فإنه لا تشمله هذه الدعوة ولا ينتفع بها. اهـ

وقد ثبت الحديث في الشفاعة لمن مات بالمدينة، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من استطاع أن يموت بالمدينة فليمت بها، فإني أشفع لمن يموت بها. رواه الترمذي وابن ماجه، وابن حبان في صحيحه، والبيهقي، وصححه الألباني.

قال الملا علي القاري في شرح المشكاة: من استطاع أن يموت بالمدينة، أي يقيم بها حتى يدركه الموت ثمة، فليمت بها أي فليقم بها حتى يموت بها، فإني أشفع لمن يموت بها أي في محو سيئات العاصين، ورفع درجات المطيعين. والمعنى شفاعة مخصوصة بأهلها لم توجد لمن لم يمت بها؛ ولذا قيل: الأفضل لمن كبر عمره أو ظهر أمره بكشف ونحوه من قرب أجله، أن يسكن المدينة ليموت فيها، ومما يؤيده قول عمر: اللهم ارزقني شهادة في سبيلك، واجعل موتي ببلد رسولك... اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني