الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

هل ورد أن الخوارج خلال التاريخ الإسلامي قاتلوا ضد المشركين؟
وسؤالي لأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أخبر بأنهم (الخوارج) يقاتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا نعلم عن الخوارج عبر التاريخ أنهم فتحوا أرضًا وأدخلوا فيها الإسلام، أو أنهم انتصبوا لقتال المشركين، رغم شوكتهم وقوتهم، وعددهم وعدتهم، في بعض مراحل التاريخ! ولذلك نص بعض أهل العلم على أن ترك الخوارج لقتال المشركين علم من أعلام النبوة؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- فيهم: "يقتلون أهل الإسلام، ويدعون أهل الأوثان، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية" رواه البخاري، ومسلم.

قال القرطبي في (المفهم): قوله: "يقتلون أهل الإسلام، ويدعون أهل الأوثان" هذا منه صلى الله عليه وسلم إخبار عن أمر غيب وقع على نحو ما أخبر عنه، فكان دليلًا من أدلة نبوته صلى الله عليه وسلم ... اهـ.

وقال ابن حجر في (فتح الباري): هو مما أخبر به صلى الله عليه وسلم من المغيبات فوقع كما قال. اهـ.

وقال ابن حزم في (الفصل): قالوا باستعراض كل من لقوه من غير أهل عسكرهم ويقتلونه إذا قال: أنا مسلم. ويحرمون قتل من انتمى إلى اليهود وإلى النصارى أو إلى المجوس! وبهذا شهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالمروق من الدين كما يمرق السهم من الرمية، إذ قال -عليه السلام-: "إنهم يقتلون أهل الإسلام ويتركون أهل الأوثان" وهذا من أعلام نبوته -صلى الله عليه وسلم-؛ إذ أنذر بذلك وهو من جزئيات الغيب فخرج نصًّا كما قال. اهـ.

وروى الإمام أحمد في كتاب السنة: عن عون بن عبد الله، قال: بعثني عمر بن عبد العزيز -رحمه الله- إلى الخوارج أكلمهم، فقلت لهم: هل تدرون ما علامتكم في وليكم التي إذا لقيكم بها أمِن بها عندكم وكان بها وليكم؟ وما علامتكم في عدوكم التي إذا لقيكم بها خاف بها عندكم وكان بها عدوكم؟ قالوا: ما ندري ما تقول! قلت: فإن علامتكم عند وليكم التي إذا لقيكم بها أمِن بها عندكم وكان بها وليكم أن يقول: أنا نصراني! أو يهودي! أو مجوسي! وعلامتكم عند عدوكم التي إذا لقيكم بها خاف بها عندكم وكان بها عدوكم أن يقول : أنا مسلم. اهـ.
وقال الشاطبي في (الاعتصام): أخذوا في قتال أهل الإسلام بتأويل فاسد، زعموا عليهم أنهم مجسمون وأنهم غير موحدين، وتركوا الانفراد بقتال أهل الكفر من النصارى والمجاورين لهم وغيرهم. اهـ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في (مجموع الفتاوى): هؤلاء الخوارج المارقون من أعظم ما ذمهم به النبي -صلى الله عليه وسلم- أنهم يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان، وذكر: أنهم يخرجون على حين فرقة من الناس. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني