الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لله فيما أصاب المسلمين في أحد حكم كثيرة

السؤال

ذكر في كتاب فقه السيرة للبوطي أن المسلمين هزموا في معركة أحد، وأن الكفار احتفلوا بالنصر، وهناك كتب أخرى تقول غير ذلك، فما الصحيح في ذلك؟ ولكم منا جزيل الشكر.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن غزوة أحد من الغزوات المشهورة في الإسلام، وقد وقعت في أوائل شوال من السنة الثالثة للهجرة، خرج إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاثة آلاف، ثم رجع عبد الله بن أبي بثلث الجيش، ثم عسكر المسلمون بالشعب من أحد في عدوة الوادي جاعلين ظهورهم إلى الجبل، وقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بتعيين خمسين رجلاً رماة برئاسة عبد الله بن جبير رضي الله عنه، وأمرهم أن يرابطوا عند الجبل ويحموا ظهور المسلمين، وقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم انضحوا الخيل عنا بالنبل لإيأتوننا من خلفنا، إن كانت الدائرة لنا أوعلينا فالزموا أماكنكم لا نؤتين من قبلكم.

ثم بدأت المعركة، فأيد الله تعالى رسوله والمسلمين بالنصر، فكانت هزيمة المشركين، وشرع المسلمون في جمع ما غنموه من المشركين، فلما رأى الرماة ذلك لحق أكثرهم بالمسلمين بغية الحصول على بعض الغنائم، ولم يبق إلا رئيسهم ومعه نفر قليل، فلما رأى خالد بن الوليد - وهو يومئذ أحد قادة المشركين- خلو الجبل من الرماة انتهز هذه الفرصة وكر على بقية الرماة، حيث أكرمهم الله بالشهادة، فبينما المسلمون يجمعون الغنائم إذ وضع المشركون فيهم السلاح من خلفهم، فأصيبوا بالذهول، وانتقضت صفوفهم، واستشهد بعضهم، وتراجع الكثير، فلم يبق مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غير سبعة من الأنصار ورجلين من قريش، كما في صحيح مسلم.

ثم بعد ذلك عاد جمع من الصحابة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستأنفوا مواجهة المشركين حتى تراجعوا عن المسلمين، ثم إن أبا سفيان عندما أراد الانصراف أشرف على الجبل، ثم صرخ بأعلى صوته: إن الحرب سجال، يوم بيوم بدر اعلُ هبل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قم يا عمر فأجبه فقال: الله أعلى وأجل، لا سواء، قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار.

وما أصاب المسلمين كان بسبب مخالفة الرماة لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولله في ذلك من الحكم ما له، من تمحيص المسلمين، وليتخذ منهم شهداء..... إلى غير ذلك، لكن الله تعالى شمل كل المسلمين بالعفو، قال الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ [آل عمران:155].

وهذه الخلاصة مختصرة من بعض كتب السير المعتمدة، كسيرة ابن هشام مع حاشية السهيلي.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني