الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

جنة عدن فوق السموات وليست في الأرض

السؤال

هل جنة عدن في الأرض؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن مكان جنة عدن هو فوق السموات، وليس مكانها في الأرض، لظاهر قوله تعالى: وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى * عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى * عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى {النجم: 13 - 15}، وقد ثبت في السنة أن سدرة المنتهى فوق السماء -كما في أحاديث الإسراء المشهورة-.

ومما يدل على أن مكان الجنة فوق السماوات من السنة ما جاء في صحيح البخاري أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيله، كل درجتين ما بينهما كما بين السماء والأرض، فإذا سألتم الله فسلوه الفردوس؛ فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة، وفوقه عرش الرحمن، ومنه تفجر أنهار الجنة.

وجاءت آثار عن بعض الصحابة والتابعين مصرِّحة بأن مكان الجنة فوق السماوات.

قال ابن القيم في كتابه حادي الأرواح: الباب الثالث عشر: في مكان الجنة وأين هي؟

قال الله تعالى: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى}، وقد ثبت أن سدرة المنتهى فوق السماء، وسميت بذلك لأنها ينتهي إليها ما ينزل من عند الله فيقبض منها، وما يصعد إليه فيقبض منها. وقال تعالى: {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ}. قال ابن أبي نجيح عن مجاهد: "هو الجنة". وكذلك تلقاه الناس عنه، وقال الحارث بن أبي أسامة: حدثنا عبد العزيز بن أبان حدثنا مهدي بن ميمون حدثنا محمد بن عبد الله بن أبي يعقوب الحارث بن أبي أسامة عن بشر بن شغاف قال: سمعت عبد الله بن سلام يقول: "إن أكرم خليقة الله أبو القاسم -صلى الله عليه وسلم-، وإن الجنة في السماء". رواه أبو نعيم عنه. قال: ورواه معمر بن راشد عن محمد بن أبي يعقوب مرفوعًا. ثم ساق عن ابن عباس أنه قال: "الجنة في السماء السابعة، ويجعلها الله حيث شاء يوم القيامة، وجهنم في الأرض السابعة". وروى ابن منده عن عبد الله قال: "الجنة في السماء الرابعة، فإذا كان يوم القيامة جعلها الله حيث يشاء، والنار في الأرض السابعة، فإذا كان يوم القيامة جعلها الله حيث يشاء". وقال مجاهد: قلت لابن عباس: أين الجنة؟ قال: فوق سبع سماوات. قلت: فأين النار؟ قال: تحت سبعة أبحر مطبقة. رواه ابن منده.

وقد ثبت في الصحيحين عنه أنه قال: "الجنة مائة درجة، ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض". وهذا يدل على أنها في غاية العلو والارتفاع، والجنة مقببة، أعلاها وأوسعها ووسطها هو الفردوس، وسقفه العرش، كما قال في الحديث الصحيح: "إذا سألتم الله فاسألوه الفردوس؛ فإنه وسط الجنة وأعلى الجنة، فوقه عرش الرحمن، ومنه تفجر أنهار الجنة". اهـ. باختصار وتصرف يسير.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني