الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قتل الحشرات بالنار أو بجهاز كهربائي .. رؤية شرعية

السؤال

نفع الله بعلمكم، وجعله بميزان حسناتكم.
سؤالي: يوجد في بعض المحلات جهاز لسحب الناموس والذباب، يعمل بالكهرباء، ويقوم بصعق الحشرات بالكهرباء، هل يجوز استعمالها أم تنطبق عليها شروط الحرق بالنار؟ وهي موضوعة في بيتي في كل مكان، ومن ضمنها دورات المياه.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلا يدخل الصاعق -والله أعلم- في الحرق بالنار؛ قال العلامة العثيمين -رحمه الله-: إن هذه المصائد لا ينبغي استعمالها إلا إذا دعت الحاجة إلى ذلك، مثل: أن يكثر الذباب حتى يؤذي، أو يكثر البعوض، أو غيرهما من الحشرات المؤذية؛ فإذا كثرت فإنه لا بأس باستعمال هذا الشيء، وليس هذا من باب التعذيب بالنار؛ لأن موت الحشرة بهذه المصيدة إنما يكون بطريق الصعق، وليس بطريق الاحتراق، بدليل أنك لو أدخلت إلى هذه الأشرطة خرقة أو قرطاسة فإنها لا تعلق ولا تحترق، ولكنها صدمة كهربائية تؤدي إلى قتلها، فليس هذا من باب التعذيب بالنار، ثم إنه ينبغي أن نعرف أنه ليس استعمال النار محرمًا في كل حال، بل إنما يكون إذا قصد به التعذيب، يعني: أن يعذب الإنسان الحيوان بالنار، هذا هو المحرم، وأما إذا قصد إتلاف المؤذي، ولا طريق إلى إتلافه إلا بالإحراق؛ فإن هذا لا يعد تعذيبًا بالنار، بل إنما هو قتل بالنار، ففرق بين التعذيب الذي يقصد به إيلام الحيوان والعنت عليه والمشقة وبين إتلاف الحيوان بطريق لا نتوصل إليه إلا بالنار، ولهذا في قصة نبي من الأنبياء أنه لسعته نملة، فأمر أن تحرق قرية النمل كلها، فأوحى الله إليه: هلّا نملة واحدة. يعني: هلّا أحرقت نملة واحدة. وهذا دليل على أنه إذا لم نتوصل إلى الخلاص من أذية بعض الحيوان إلا بالنار، فإن ذلك لا بأس به. وها هو الجراد يؤخذ ويشوى بالنار ويؤكل، كما جاء ذلك عن السلف، ولا ريب أن شيه بالنار هو إتلاف له عن طريق النار، والذي لا يحرق بالنار أي: لا يشوى بها، هو يغمس في الماء الذي يغلي حتى ينضج ويؤكل. فالمهم أنه يجب علينا أن نعرف الفرق بين كوننا لا نتوصل إلى دفع أذية الحشرة أو الحيوان إلا بالنار أو لا نتوصل إلى الانتفاع به إلا عن طريق النار، كما في شيّ الجراد وغمسه بالماء الحار، وبين أن نتخذ النار وسيلة تعذيب لهذا الحيوان، والمحرم إنما هو تعذيب الحيوان بالنار لا الوصول إلا الغاية منه أو التخلص منه عن طريق النار إذا كان لا يمكن التوصل إلا بها. انتهى.

وجاء في نور على الدرب سؤال للشيخ العثيمين -رحمه الله-:

السؤال: أحسن الله إليكم، يقول السائل: ما حكم استعمال الآلة الكهربائية التي تقوم بصعق الحشرات؟

الشيخ: لا بأس بها لوجهين:

الوجه الأول: أن صعقها ليس فيه إحراق، ولكنه صعق يمتص الحياة؛ بدليل أنك لو وضعت قرطاسة على هذه الآلة لم تحترق.

ثانيًا: أنه الواضع هذه في هذا الجهاز لم يقصد تعذيب البعوض والحشرات بالنار، وإنما قصد دفع أذاها، والحديث نهى أن يعذب بالنار، وهذا ما عذب، هذا لدفع أذاها.

الثالث: أنه لا يمكن في الغالب القضاء على هذه الحشرات إلا بهذه الآلة أو بالأدوية التي تفوح منها الرائحة الكريهة، وربما يتضرر الجسم منها، ولقد أحرق النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- نخل بني النضير، والنخل عادةً لا يخلو من طير أو حشرة أو ما أشبه ذلك. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني