الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من استيقظ قبل خروج وقت الصلاة بزمن يسير

السؤال

لو نام شخص عن الصلاة، ولم يستيقظ إلا قبل خروج وقت الصلاة بدقيقتين مثلًا، فلو قام وتوضأ، أو اغتسل -لو كان على جنابة- فسيخرج وقت الصلاة في الغالب، فهل يجوز لهذا الشخص أن يؤجل الصلاة على القول بأن القضاء على التراخي، وباعتبار أنه لو توضأ أو اغتسل فسيخرج وقت الصلاة؟ وذلك قد يكون مهمًّا في مسائل أخرى مثل:
1- أن أستيقظ أنا مثلًا قبل خروج وقت الصلاة بدقيقتين، وتطلب أمي مني فعل شيء عند الاستيقاظ، أو بعد الوضوء، وعلى جواب السؤال هذا الذي سألته سأحدد هل أقدم الصلاة أم أقدم طاعتها؛ لأن الوقت سيكون قد خرج أو يكون في الغالب سيخرج؟
2- لو استيقظت قبل الصلاة بدقيقتين مثلًا، ولم أجد ماء للوضوء، فسأبحث عن ماء، ولو بحثت عن ماء فسيخرج وقت الصلاة، فهل يجوز البحث عن الماء ولكن ليس على الفور، بل على التراخي؛ لأن وقت الصلاة في الغالب سيخرج؟ وذلك في حالة تعارض البحث عن الماء فورًا مع شيء آخر مثل طلب أمي لشيء مني مثلًا، أو لم يتعارض مع شيء آخر، ولكن لأن وقت الصلاة في الغالب سيخرج، فأبحث عن الماء على التراخي، أو أبحث عن الماء على التراخي عند خروج الوقت.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فمن استيقظ قبل خروج وقت الصلاة بزمن يسير، وجب عليه المبادرة بالطهارة والصلاة على الفور عند الجمهور.

وعند المالكية -على خلاف عندهم- إذا ضاق الوقت عن الغسل أو الوضوء، فإنّه يتيمم ويصلي حتى لا يخرج وقت الصلاة، وراجع الفتوى رقم: 47136.

وعند الشافعية إذا استيقظ من النوم، ولم يبق من الوقت إلا قدر الطهارة، أو بعضها لم يجب القضاء فورًا، وجاز له التأخير.

أمّا إذا بقي من الوقت ما يسع الطهارة، وشيئًا من الصلاة -ولو تكبيرة الإحرام- لم يجز التأخير؛ جاء في حواشي تحفة المحتاج في شرح المنهاج: وَلَوْ تَيَقَّظَ مِنْ نَوْمِهِ، وَقَدْ بَقِيَ مِنْ وَقْتِ الصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ مَا لَا يَسَعُ إلَّا الْوُضُوءَ، أَوْ بَعْضَهُ، فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَنْ فَاتَتْهُ بِعُذْرٍ، فَلَا يَجِبُ قَضَاؤُهَا فَوْرًا، كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- ... قَالَ الشبراملسي قَوْلُهُ: (الرملي) مَا لَا يَسَعُ إلَّا الْوُضُوءَ إلَخْ. أَفْهَمَ أَنَّهُ لَوْ اسْتَيْقَظَ وَقَدْ بَقِيَ مَا يَسَعُ الْوُضُوءَ، وَبَعْضَ الصَّلَاةِ، كَالتَّحَرُّمِ، وَجَبَ فِعْلُهُ حَتَّى لَوْ أَخَّرَ حَتَّى خَرَجَ الْوَقْتُ عَصَى بِذَلِكَ، وَوَجَبَ قَضَاؤُهَا فَوْرًا، وَمِثْلُ الْوُضُوءِ الْغُسْلُ مِنْ الْجَنَابَةِ، بَلْ كُلُّ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ صِحَّةُ الصَّلَاةِ، كَإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ مِنْ بَدَنِهِ، وَسِتْرِ عَوْرَتِهِ. اهـ.

والذي نرجحه هو قول الجمهور بوجوب المبادرة إلى الطهارة والصلاة على الفور.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني