الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

شروط الفطر بالجوع والمرض

السؤال

أنا مريض منذ 9 سنوات، مرضي في الأمعاء سبب لي إسهالا مزمنا أيضا القلب والأوعية الدموية، كل ما أفعله أني آخذ مسكنات للمرض فقط؛ لأن علاج هذين المرضين يحتاج تنويما في المستشفى والتنويم والعلاج مكلف جدا جدا، وطول هذه المدة لا أصوم رمضان والسبب أنه يمكن أن يهيج علي المرض في أي وقت فأضطر لأخذ العلاج المسكن، أيضا الجوع عندي يسبب لي مشكله في القلب بزيادة ضربات القلب فلا أستطيع الصيام، أما أني أضطر لأخذ العلاج لهيجان المرض أو الجوع الذي يسب لي زيادة في ضربات القلب، منذ مدة قصيرة سمعت أنه لا يجوز لأحد أن يفطر إلا أن يرخص له الطبيب، فهل هذا صحيح؟ أيضا فأنا أفطرت لأني غير قادر أصلا للأسباب التي ذكرتها من قبل، لهذا لم أتناقش مع طبيبي في هذا الموضوع، فهل علي شيء؟ أيضا لاحتمال أن أموت في أي يوم بسبب أمراضي، فهل علي شيء أقصد بأن يسألني الله يوم القيامة عن إفطار تلك السنين؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فقد سبق لنا أن بينا ضابط المرض المبيح للفطر في رمضان في الفتوى رقم: 126657، والفتوى رقم: 163983، ومجرد الشعور بالجوع هذا لا يبيح الفطر، وكثير من الصائمين يشعر بالجوع في ابتداء الصيام ثم يألفه، لكن إن زاد عن الحد المعتاد ووصل إلى درجة المشقة غير المحتملة جاز الفطر، قال صاحب "الكفاف" الشنقيطي المالكي:

وجاز الافطار بما زاد على * ما اعتيد من جوع وشيطان الفلا.

والمقصود بشيطان الفلا هو العطش.

وفي حاشيتي قليوبي وعميرة وهما من علماء الشافعية: ومثل المرض غلبة جوع وعطش، ويشهد لما قدمنا قوله تعالى: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ [الحج: 78]. اهـــ

والفطر بالمرض لا يتقيد بإخبار الطبيب فقط بل من شق عليه الصيام مشقة غير محتملة أو علم بالتجربة أنه يشق عليه الصيام أو يؤخر برءه فله أن يفطر ولو لم يخبره الطبيب بذلك، قال النفراوي المالكي في الفواكه الدواني: الْخَوْفُ الْمُجَوِّزُ لِلْفِطْرِ هُوَ الْمُسْتَنِدُ صَاحِبُهُ إلَى قَوْلِ طَبِيبٍ ثِقَةٍ حَاذِقٍ، أَوْ لِتَجْرِبَةٍ مِنْ نَفْسِهِ، أَوْ لِإِخْبَارٍ مِمَّنْ هُوَ مُوَافِقٌ لَهُ فِي الْمِزَاجِ... اهـــ .

وقال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ في الشرح الممتع عن الضرر الذي يلحق المريض بالصوم: والضرر يكون بالحس، وقد يعلم بالخبر.
أما بالحس فأن يشعر المريض بنفسه أن الصوم يضره ويثير عليه الأوجاع ويوجب تأخر البرء وما أشبه ذلك.
وأما بالخبر: فأن يخبره طبيب عالم ثقة بذلك أي بأنه يضره، وهل يشترط أن يكون مسلما لكي نثق به، لأن غير المسلم لا يؤمَن؟ الصحيح لا، وأننا متى وثقنا في قوله عملنا بقوله في إسقاط الصيام، لأن هذه الأشياء صنعته. اهــــ .
ولم نجد أحدا من أهل العلم قيد جواز الفطر للمريض بإخبار الطبيب، وقد سبق أن بينا في الفتوى رقم: 14382، أنه يشرع للمريض أن يأخذ بالرخصة فيفطر ولو لم يتعالج، ومع ذلك فإن أمكنك التداوي ولو في المستشفى الحكومي فهذا حسن، وراجع الفتوى رقم: 94710، وأخيرا نسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك.

والله تعالى أعلم

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني