الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قراءة الحديث بالعامية... رؤية شرعية

السؤال

ماذا أفعل مع الخطيب الذي يأتي بأحاديث صحيحة يتلوها بالعامية؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فينبغي ألا يخطب خطيب الجمعة إلا بالعربية الفصحى، وأن يبتعد عن الألفاظ المبتذلة والعامية في خطبته، كما سبق أن نبهنا عليه في الفتوى رقم: 22699.

وهذا إن كان في عموم ألفاظ الخطبة، فهو أهم وآكد فيما ينسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم من الكلام، وهو الأحاديث النبوية الشريفة، فيتأكد العناية بنطقها بالعربية الفصحى، فإن وجدت الحاجة لتفهيم معناها لمن لا يحسن فهم الفصحى، فلا حرج في بيان معناها وشرحها باللهجة التي يفهمها، قال الشيخ الدكتور عبد الكريم الخضير: خطبة الجمعة عبادة لا تسوغ باللهجات العامية، لكن إذا لم يوجد من يحسن العربية، فلا بأس أن تؤدى بما يفهمه الحاضرون، وإذا كان الحاضرون لا يفهمون العربية، فلا مانع أن يترجم لهم بعد الصلاة ما يحتاجون إليه، أو يوضح لهم بلهجتهم ما تدعوا الحاجة إليه. اهـ.
وسئل الشيخ سليمان العلوان: هل يقرأ الحديث بالعامية؟ فقال: لا يقرأ الحديث بالعامية، ولكن لا بأس أن يفهم غيره بالعامية. اهـ.

وقد نبه أهل العلم في أبواب علوم الحديث على حاجة من يقرأ حديث النبي صلى الله عليه وسلم إلى معرفة العربية بالقدر الذي يقيم به الكلام ولا يلحن، ونقل السخاوي في فتح المغيث عن شيخه ابن حجر قوله: أقل ما يكفي من يريد قراءة الحديث أن يعرف من العربية ألا يلحن. اهـ.

وبوَّب الخطيب البغدادي في كتابه الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع بابا في: الترغيب في تعلم النحو والعربية لأداء الحديث بالعبارة السوية، أسند فيه عن شعبة قال: من طلب الحديث فلم يبصر العربية فمثله مثل رجل عليه برنس وليس له رأس.

ووجه هذا المثل بينه البقاعي في النكت الوفية، فقال: وجهُ الشبهِ عدمُ المقصودِ الأعظمِ في كل منهما، فإنَّ منفعةَ البُرنُس العُظمى تغطيةُ الرأسِ، وثمرة قراءةِ الحديثِ: فهمُ معناهُ، وهو تابعٌ للإعرابِ، أو الأجرُ المرتَّب على قراءتهِ، وهو قريبٌ على صحةِ الأداءِ ليكونَ صادقاً. اهـ.

وقال الشيخ الدكتور محمد أبو شهبة في الوسيط: ومثل هذا يكون ضُحْكة للناس أو هزأة، وأرجو أن يكون في هذا عبرة، وزاجر للخطباء والوعاظ والمتحدثين في الندوات وفي الإذاعات المسموعة والمرئية الذين يذكرون الأحاديث ملحونة ولا يتورعون عن الغلط فيها، وإنه لعاب كبير وإثم عظيم للذين يصدر منهم ذلك، ولا سيما المنتسبون إلى العلم الشرعي، نسأل الله لنا ولهم السلامة. اهـ.

بل قد ذهب بعض أهل العلم إلى استحباب قراءة الحديث مجودا كتجويد القرآن، قال القاسمي في قواعد التحديث: قال الإمام البديري في آخر شرحه لمنظومة البيقونية: أما قراءة الحديث مجودة كتجويد القرآن: فهي مندوبة، وذلك لأن التجويد من محاسن الكلام، ومن لغة العرب، ومن فصاحة المتكلم، وهذه المعاني مجموعة فيه صلى الله عليه وسلم، فمن تكلم بحديثه صلى الله عليه وسلم فعليه بمراعاة ما نطق به صلى الله عليه وسلم. اهـ.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني