الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

(حديث عقوبة تارك الصلاة)

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته كنت أحادث صديقا على الأنترنت فأرسل إلي مقالا عن عقوبة تارك الصلاة فأعجبني فأردت أن أرسله إلى المساجد فأعطيته إمام مسجد فقال لي إن هذا الحديث قد يكون خاطئاً، فها أنا أبعث لكم النشرة كلها وأريد التأكد من الحديث وما به من المعلومات وجزاكم الله خيرا المقال هو: عقوبة تارك الصلاة روي عن الرسول (صلى الله عليه وسلم): من تهاون في الصلاة عاقبه الله بخمس عشرة عقوبة ستة منها في الدنيا و ثلاثة عند الموت و ثلاثة في القبر و ثلاثة عند خروجه من القبر أما الستة التي تصيبه في الدنيا فهي: 1– ينـزع الله البركة من عمره. 2- يمسح الله سيما الصالحين من وجهه. 3- كل عمله لا يؤجر من الله. 4- لا يرفع له دعاء إلى السماء. 5- تمقته الخلائق في دار الدنيا. 6- ليس له حظ في دعاء الصالحين. أما الثلاثة التي تصيبه عند الموت فهي: 1- أنه يموت ذليلاً . 2- أنه يموت جائعاً . 3- أنه يموت عطشان و لو سقى مياه بحار الدنيا ما روي عنه عطشه. أما الثلاثة التي تصيبه في قبره فهي: 1- يضيق الله عليه قبره و يعصره حتى تختلف ضلوعه . 2- يوقد الله على قبره ناراً في جمرها . 3- يسلط الله عليه ثعبانا يسمى الشجاع الأقرع يضربه على ترك صلاة الصبح من الصبح إلى الظهر وعلى تضييع صلاة الظهر من الظهر إلى العصر وهكذا .. كلما ضربه يغوص في الأرض سبعين ذراعاً. أما الثلاثة التي تصيبه يوم القيامة فهي: 1- يسلط الله عليه من يصحبه إلى نار جهنم على جمر وجهه. 2- ينظر الله تعالى إليه بعين الغضب يوم الحساب ويقع لحم وجهه. 3- يحاسبه الله عز وجل حسابا شديدا ما عليه من جهد ويأمر الله به النار وبئس القرار.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فهذه النشرة التي تتعلق بتارك الصلاة هي من الباطل والمنكر ومن الأمور المبتدعة في الدين ومن القول على الله بلا علم، وقد بين الله سبحانه وتعالى في كتابه أن ذلك من أعظم الذنوب، فقال تعالى: (قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطاناً وأن تقولوا على الله مالا تعلمون) [ الأعراف: 33]. فليتق الله عبدٌ يسلك هذه الطريقة المنكرة وينسب إلى الله وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم ما لم يصدر عنهما، فإن تحديد العقوبات وتعيين الجزاءات على الأعمال، إنما هو من علم الغيب ولا علم لأحد به إلا من طريق الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يرد في الكتاب ولا السنة الصحيحة شيء من ذلك البتة. أما الحديث الذي نسبه صاحب النشرة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في عقوبة تارك الصلاة، وأنه يعاقب بخمس عشرة عقوبة … الخ ، فإنه من الأحاديث الباطلة المكذوبة على النبي صلى الله عليه وسلم، كما بين ذلك الحفاظ من العلماء رحمهم الله، كالحافظ الذهبي في الميزان والحافظ ابن حجر وغيرهما. وقال الحافظ ابن حجر عن هذا الحديث في ترجمة رواته في لسان الميزان "وهو ظاهر البطلان من أحاديث الطرقية" أي أصحاب الطرق الصوفية. ولا يجوز ترويج هذا الحديث المكذوب والموضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أمثاله مما ينتشر بين حين وآخر حتى يتثبت منه ويسأل أهل العلم عنه. وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من روى عني حديثاً وهو يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين". وليعلم أن ما جاء عن الله تعالى وعن رسوله صلى الله عليه وسلم في شأن الصلاة، وعقوبة تاركها يكفي ويشفي، قال تعالى: (فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون) [ الماعون:4-5]. فإذا كان الويل عذاب المصلين الذين وصفوا بهذا الوصف، وهو تأخير الصلاة حتى يخرج وقتها، فما بالك بمن لا يصلي أصلاً. وقال عليه الصلاة والسلام: "بين الرجل والكفر والشرك ترك الصلاة" [أخرجه مسلم في صحيحه]. والله الهادي إلى سواء السبيل.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني