الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

فتنة يأجوج ومأجوج وهلاكهم

السؤال

هل يقتل يأجوج ومأجوج كل الكفار؟ وإذا فعلوا كيف تقوم الساعة على الكفار؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن يأجوج ومأجوج، يقتلون من لقوه عند خروجهم، كما في صحيح مسلم: ويبعث الله يأجوج ومأجوج {وهم من كل حدب ينسلون} فيمر أوائلهم على بحيرة طبرية، فيشربون ما فيها، ويمر آخرهم فيقول: لقد كان بهذه مرة ماء، ثم يسيرون حتى ينتهوا إلى جبل الخمر، وهو جبل بيت المقدس، فيقولون: لقد قتلنا من في الأرض، هلم فلنقتل من في السماء، فيرمون بنشابهم إلى السماء، فيرد الله عليهم نشابهم مخضوبة دما .... رواه مسلم.

وفي فتح الباري لابن حجر: وعند عبد بن حميد من حديث عبد الله بن عمرو: فلا يمرون بشيء إلا أهلكوه. ومن حديث أبي سعيد رفعه: يفتح يأجوج ومأجوج، فيعمون الأرض، وتنحاز منهم المسلمون، فيظهرون على أهل الأرض، فيقول قائلهم: هؤلاء أهل الأرض قد فرغنا منهم، فيهز آخر حربته إلى السماء، فترجع مخضبة بالدم، فيقولون: قد قتلنا أهل السماء، فبينما هم كذلك، إذ بعث الله عليهم دواب كنغف الجراد، فتأخذ بأعناقهم، فيموتون موت الجراد، يركب بعضهم بعضا. اهـ.

ثم إن الله يهلكهم، ويبقى عيسى عليه السلام وأصحابه زمانا بعد ذلك، وينشأ جيل جديد، ويكون فيه مسلمون وكفار، فتأتي الريح الطيبة، فتأخذ أرواح المؤمنين، ثم يبقى الكفار والأشرار حتى تقوم عليهم الساعة، كما في صحيح مسلم: ثم يقال للأرض: أنبتي ثمرتك، وردي بركتك، فيومئذ تأكل العصابة من الرمانة، ويستظلون بقحفها، ويبارك في الرِّسْل، حتى إن اللقحة من الإبل لتكفي الفئام من الناس، واللقحة من البقر لتكفي القبيلة من الناس، واللقحة من الغنم، لتكفي الفخذ من الناس، فبينا هم كذلك، إذ بعث الله ريحا طيبة، فتأخذهم تحت آباطهم، فتقبض روح كل مؤمن ومسلم، ويبقى شرار الناس يتهارجون فيها تهارج الحمر، فعليهم تقوم الساعة. اهـ.

قال الملا علي القارئ في مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح: قال الطيبي -رحمه الله: تقبض روح خيار الناس كلهم (ويبقى شرار الناس): بكسر أوله، جمع شر ( يتهارجون ) أي: يختلطون ( فيها) أي: في تلك الأزمنة، أو في الأرض (تهارج الحمر) أي: كاختلاطها، ويتسافدون، وقيل: يتخاصمون، فإن الأصل في الهرج القتل، وسرعة عدو الفرس، وهرج في حديثه أي خلط.

قال النووي رحمه الله: أي يجامع الرجال النساء علانية بحضرة الناس، كما يفعل الحمير، ولا يكترثون لذلك، والهرج بإسكان الراء، الجماع، ويقال: هرج زوجته، أي جامعها، يهرجها بفتح الراء وضمها، وكسرها. (فعليهم تقوم الساعة) أي: لا على غيرهم، وسيأتي حديث: "لا تقوم الساعة إلا على شرار الناس". وفي رواية: " لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض الله الله". اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني