الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خلاف القراء في الاستفهام المكرر في القرآن، والمعنى

السؤال

بين القراء العشرة اختلاف في تحقيق الهمزات في الآيات التي فيها أخبار.
(أئذا متنا وكنا ترابًا وعظامًا أئنا لمبعوثون)
فبعضهم يقرأ "أئذا" الأولى بهمزة واحدة، والثانية بهمزتين، فتكون (إذا متنا وكنا ترابًا وعظامًا أئنا لمبعوثون)
وبعضهم يقرأ الأولى بهمزتين، والثانية بهمزة، فتكون الآية:(أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما إنا لمبعوثون)
وبعضهم يقرأ بتحقيق الهمزتين، كما هو حال قراءة حفص، فما المعنى عندما تثبت همزة في السؤال، أو تحذف؟ أي ما الفرق اللغوي، أو النحوي؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإثبات الهمزة في الأماكن التي أشرت إليها من القرآن الكريم، معناه الاستفهام الإنكاري من الكفار للبعث، قال القرطبي في التفسير عن المثال الذي ذكرت: "أَئِذَا مِتْنا" أَيْ أَنُبْعَثُ إِذَا مِتْنَا؟ فَهُوَ اسْتِفْهَامُ إِنْكَارٍ منهم، وسخرية. اهـ.

وقال ابن عاشور في التحرير والتنوير: وَالِاسْتِفْهَامُ إِنْكَارِيٌّ، كِنَايَةٌ عَنِ الْإِحَالَةِ وَالْاِسْتِبْعَادِ، وإِذا ظَرْفٌ لِقَوْلِهِ: لَمَبْعُوثُونَ.

وَالْجَمْعُ بَيْنَ ذِكْرِ الْمَوْتِ، وَالْكَوْنِ تُرَابًا وَعِظَامًا؛ لِقَصْدِ تَقْوِيَةِ الْإِنْكَارِ، بِتَفْظِيعِ إِخْبَارِ الْقُرْآنِ بِوُقُوعِ الْبَعْثِ، أَيِ الْإِحْيَاءُ بَعْدَ ذَلِكَ التَّلَاشِي الْقَوِيِّ. اهـ.

وحذف الهمزة من بعضها، مقدر فيه الاستفهام، كما في قراءة بعضهم "أئنا" بهمزة واحدة، على صورة الخبر، قال ابن عاشور: وَقَرَأَهُ ابْنُ عَامِرٍ بِهَمْزَةٍ وَاحِدَةٍ، عَلَى صُورَةِ الْخَبَرِ، وَالِاسْتِفْهَامُ مُقَدَّرٌ فِي جُمْلَةِ إِنَّا لَمَبْعُوثُونَ. اهـ.

وقد اختلف القراء في الاستفهام إن تكرر؛ فاستفهم بهما بعضهم، واكتفى بعضهم بالاستفهام في أحدهما دون الآخر، قال ابن مجاهد في كتاب السبعة: اخْتلفُوا في الاستفهامين يَجْتَمِعَانِ، فاستفهم بهما بَعضهم، وَاكْتفى بَعضهم بِالْأولِ. اهـ.

وقال ابن بري في الدرر اللوامع، في أصل مقرئ الإمام نافع:

فصْلٌ: والاستفهام إن تَكررا * فصيّر الثانيَ منه خبَرا.

والمواضع التي جاء فيها الاستفهام المكرر، فقرأها بعضهم بالاستفهام، وبعضهم بدونه، هي أحد عشر موضعًا من كتاب الله تعالى، في تسع سور.

أولها: {أَئِذَا كُنَّا تُرَاباً أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ} [سورة الرعد:5].

- {وَقَالُواْ أَئِذَا كُنَّا عِظَاماً وَرُفَاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ} [سورة الإسراء: 49 - 98].

- {إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ}، وقوله - عز وجل -: {أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ} [سورة العنكبوت: 29,28].

- {قَالُوا أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ} [سورة المؤمنون:82].

- {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَئِذَا كُنَّا تُرَاباً وَآبَاؤُنَا أَئِنَّا لَمُخْرَجُونَ} [سورة النمل: 67].

- {أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ} [سورة الصافات: 16].

- {أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَئِنَّا لَمَدِينُونَ} [سورة الصافات: 53].

- {أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ} [سورة ق: 3].

- {وَكَانُوا يَقُولُونَ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ وقوله -عز وجل-: {أَوَآبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ} [الواقعة: 47-48].

وآخرها: {يَقُولُونَ أَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ}، وقوله -عز وجل-: {أَئِذَا كُنَّا عِظَاماً نَّخِرَةً} [سورة النازعات: 10 - 11].

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني