الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

واجب من صلى بوضوء منتقض وبوجود نجاسة جاهلا

السؤال

لدي سؤالان يتعباني، حول ما يجب فعله علي الآن.
1- كنت -جاهلاً- آتي بناقض وضوء أثناء الغسل، بحجة أن الغسل يرفع الحدثين، حتى وقعت على فتوى بعد سنين من ذلك الفعل.
2- وكنت على مدى سنة تقريباً، أجد أثر ودي، وأصلي في تلك الملابس ربما أياماً -جاهلاً- ما هو الودي وهل خرج أو لم يخرج وطبيعته؟
فما الواجب علي فعله الآن؟
أجيبوني مأجورين؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن كنت لم تعد غسل ما غسلته من أعضاء الوضوء بعد حصول الناقض، فيجب عليك قضاء الصلوات التي صليتها بوضوء منتقض؛ لأنها دين في ذمتك؛ وقد قال صلى الله عليه وسلم: فدين الله أحق أن يقضى. متفق عليه.
وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية ومن وافقه، إلى أن من فعل مثل ما فعلت من الإخلال بشرط من شروط الصلاة، أو ركن من أركانها جاهلا بالحكم، لا تجب عليه إعادة ما مضى، والواجب عليه هو إعادة صلاة الوقت الحاضر، والالتزام به في المستقبل فقط، واستدل على ذلك بأدلة كثيرة.

فقال في مجموع الفتاوى: فَمَنْ لَمْ يَبْلُغْهُ أَمْرُ الرَّسُولِ فِي شَيْءٍ مُعَيَّنٍ، لَمْ يَثْبُتْ حُكْمُ وُجُوبِهِ عَلَيْهِ، وَلِهَذَا لَمْ يَأْمُر النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُمَرَ وَعَمَّارًا لَمَّا أَجْنَبَا فَلَمْ يُصَلِّ عُمَرُ، وَصَلَّى عَمَّارٌ بِالتَّمَرُّغِ، أَنْ يُعِيدَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، وَكَذَلِكَ لَمْ يَأْمُرْ أَبَا ذَرٍّ بِالْإِعَادَةِ لَمَّا كَانَ يَجْنُبُ، وَيَمْكُثُ أَيَّامًا لَا يُصَلِّي..." اهـ.
وقال في موضع آخر: وأما من لم يعلم الوجوب، فإذا علمه صلى صلاة الوقت وما بعدها، ولا إعادة عليه؛ كما ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للأعرابي المسيء في صلاته: ارجع فصل؛ فإنك لم تصل، قال: والذي بعثك بالحق لا أحسن غير هذا، فعلمني ما يجزيني في صلاتي، فعلمه، وقد أمره بإعادة صلاة الوقت، ولم يأمره بإعادة ما مضى من الصلاة، مع قوله: لا أحسن غير هذا. اهـ.

ولذلك يمكنك الأخذ بهذا المذهب لقوة دليله، مع أن القول الأول أحوط.
وأما طهارة الخبث (إزالة النجاسة) فشرط أيضا من شروط صحة الصلاة، لكن من صلى بها جهلاً بنجاستها، أو بوجودها، فصلاته صحيحة، ولا تلزمه إعادتها، على القول الراجح عند بعض أهل العلم، وفي موقعنا.

قال ابن عثيمين -رحمه الله- في الشرح الممتع، فيمن صلى بنجاسة جاهلا: لا إعادة عليه، سواء نسيها، أم نسي أن يغسلها، أم جهل أنها أصابته، أم جهل أنها من النَّجاسات، أم جهل حكمها، أم جهل أنها قبل الصَّلاة، أم بعد الصلاة. اهـ.

وقال في فتاوى نور على الدرب: من صلَّى بالنجاسة جاهلاً بها، فإنه لا إعادة عليه، وكذلك من جهل حكمها..". اهـ.
وعلى ذلك، فإن صلاتك بملابس نجسة جهلا، صحيحة إن شاء الله تعالى، ولا تلزمك إعادتها.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني