الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السبب في تعارض الحكم على الحديث تصحيحا وتضعيفا

السؤال

أشرتم -حفظكم الله- في جوابكم عن الفتوى رقم: (309331) بأن الشيخ الألباني -رحمه الله- قد صحح الحديث في صحيح الجامع، لكني وجدت بأنه قد ضعفه في ضعيف الترمذي برقم: (3504) فقد التبس عليّ فهم ذلك، صححه في مكان، وضعفه في مكان.
أرجو التوضيح؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فبداية ننبه على أن العلماء بصفة عامة قد يتراجعون عن قولهم في المسائل الاجتهادية؛ لأن الاجتهاد يتغير ويتفاوت. وهذا يسري على علماء الحديث، فقد يضعف أحدهم حديثا كان قد قواه من قبل، لظهور علة كانت خافية عليه، وقد يقوي حديثا كان قد ضعفه؛ لاطلاعه بعد ذلك على ما يقويه من الشواهد والمتابعات. وهذا أمر لا يستنكر.
وبالنسبة للشيخ الألباني -رحمه الله- فقد اهتم جماعة من طلبة العلم بجمع ما اختلف حكمه عليه من الأحاديث، فصححها بعد أن ضعفها، أو العكس، كما في بحث (تراجع العلامة الألباني فيما نص عليه تصحيحا وتضعيفا) وبحث: (الإعلام بآخر أحكام الألباني الإمام) وبحث: (الأحاديث التي تراجع الألباني عن تضعيفها في السلسلة الصحيحة) وغير ذلك. وقد جمعت هي وغيرها في كتاب واحد بعنوان: (تراجعات الألباني) وهو موجود على موقع المكتبة الشاملة، وتجده.

وأما بخصوص الحديث المسؤول عنه في الفتوى رقم: 309331. فقد صححه الشيخ الألباني بالفعل في صحيح الجامع الصغير برقم: 2621، وأورده كذلك في ضعيف الجامع برقم: 2170 ، وقال: الحديث إلى هنا صحيح، وإنما أوردته في هذا الكتاب من أجل الزيادة التي عند الخطيب، وقد أوردته بدونها في الصحيح برقم: 2621. اهـ.
ولفظ هذه الزيادة: "وإذا أنت قلتهن، وعليك مثل عدد الذر خطايا، غفر الله لك" .
وأشار إلى هذه الزيادة في هامش الصحيح، وأنه أورد الحديث من أجلها في الضعيف أيضا.

وصححه كذلك في تعليقه على (صحيح ابن حبان) وقال: صحيح لغيره. اهـ. وأحال في كل ذلك على كتابه المخطوط الذي لم يطبع إلى الآن (الروض النضير في ترتيب وتخريج معجم الطبراني الصغير 679 و 717).
ومع ذلك فقد أورده في ضعيف سنن الترمذي بالرقم الذي ذكره السائل. وأحال على الموضع نفسه من الكتاب ذاته (الروض النضير 679 ، 717) !
وكتاب الروض النضير ذكره عبد الله الشمراني في (ثبت مؤلفات الألباني) وقال: وهو من أوائل كتبه رَحِمَهُ اللهُ، وكتب الشيخ على طرّته: (المؤلف لا يرغب بطبع هذا الكتاب؛ لأنَّه من أوائل أعماله العلمية) . اهـ.
وعلى أية حال، فالحديث صححه الحاكم على شرط الشيخين، ولم يتعقبه الذهبي. وصحح إسناده الحافظ الضياء المقدسي في الأحاديث المختارة (2/ 219) والشيخ أحمد شاكر، والشيخ شعيب الأرناؤوط، في تحقيق المسند وصحيح ابن حبان. وقال الشيخ حسين أسد في تحقيق زوائد ابن حبان (7/ 144): إسناده حسن. اهـ.
وضعفه الشيخ مصطفى العدوي في تحقيقه للمنتخب من مسند عبد بن حميد (1/ 117)، فقال: إسناده ضعيف.. في هذه الطرق عنعن أبو إسحاق وهو مدلس، وحديث دعاء الكرب ثابت في "الصحيح" وغيره من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلم يدعو عند الكرب يقول: "لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رب السموات والأرض، ورب العرش العظيم"، ولكن هنا زيادة: "غفر الله لَكَ، مَعَ أَنَّهُ مَغْفُورٌ لَكَ". اهـ.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني