الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مواضع (ربكم الله) و(ربكم الرحمن) في القرآن الكريم مع التوجيه

السؤال

متى تأتي: "ربكم الله" ومتى تأتي"ربكم الرحمن"؟ فقد بحثت في مواقع كثيرة، ولم أجد الجواب.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فاعلمي أن كلمة: ربكم الله، وردت في القرآن الكريم في موضعين فقط:

الأول: في قول الله تعالى: إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ {الأعراف:54}.

والثاني في قوله تعالى: إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ {يونس:3}.

وأما كلمة: "ربكم الرحمن"، فلم تأت إلا في موضع واحد فقط من القرآن الكريم، وهو قوله تعالى: وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِنْ قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي {طه:90}.

فالتعبير بلفظ الجلالة "الله" في الموضعين الأولين، هو على الأصل، بذكره باسمه المختص به تعالى.

وأما التعبير بلفظ اسم الرحمن في الآية الأخيرة، فقد يكون توجيهه -والعلم عند الله تعالى- أن هارون -عليه السلام- لما عبدت بنو إسرائيل العجل، أراد أن يستميلهم؛ ليتوبوا إلى الله تعالى، فتلطّف معهم في العبارة، واستخدم اسم الرحمن تبارك وتعالى؛ ليذكّرهم أنه سبحانه تعالى رحيم، وأنهم إن تابوا إلى الله تعالى، فلن يعاجلهم بالعقوبة، وإنما سيرحمهم، ويغفر لهم؛ فهو سبحانه قد كتب على نفسه الرحمة، ورحمته سبقت غضبه -تبارك وتعالى-، قال الألوسي في تفسيره روح المعاني: والتعرض لعنوان الربوبية والرحمة؛ للاعتناء باستمالتهم إلى الحق. اهـ.

وقد يكون استخدامه لاسمه تعالى الرحمن؛ لأنه -عليه السلام- كان مجبولًا على الرحمة، كما قال الألوسي في موضع آخر من تفسيره: وقيل: إن هارون -عليه السلام- كانت آثار الجمال والرحمة فيه ظاهرة، كما ينبئ عنه قوله تعالى: وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّا [مريم:53]، وكان مورده ومصدره ذلك؛ ولذا كان يلهج بذكر ما يدل على الرحمة، ألا ترى كيف تلطّف بالقوم لما قدموا على ما قدموا، فقال: يا قَوْمِ إِنَّما فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمنُ [طه:90]. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني