الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

معنى عبارة: خلت ليلتان، وبقيت أربع، بئر أريس...

السؤال

كنت قد سألت عن معنى الجملة: خلت ليلتان، وبقيت أربع، بئر أريس، وما بئر أريس ـ وقد تمت إجابتي فقط عن معنى البئر، فهل من معنى لهذه الجملة كاملة؟ فهي الجملة المشهورة التي قالها خارجة بن زيد الأنصاري بعد وفاته.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد قال زيد بن خارجة بن زيد – رضي الله عنه – هذا الكلام عند وفاته، وكان ذلك بعد أن مضت سنتان من خلافة عثمان - رضي الله عنه – ثم بعد أربع سنوات من هذه الحادثة وقع خاتم عثمان في بئر أريس، وظهرت الفتن وتغيرت أحوال الرعية، فكان مدة بقاء الخاتم في يد عثمان ست سنوات من خلافته، ثم وقع في البئر، وظهرت الفتن. وقد أخرج الحافظ البيهقي في دلائل النبوة قصة زيد بن خارجة بعدة أسانيد، وجاء تفسير العبارة محل السؤال في بعضها، وفيها: كان ذلك على تمام سنتين خلتا من إمارة عثمان، وقال في آخره: فأما قوله "خلت ليلتان وبقي أربع" فالسنتان اللتان خلتا من إمارة عثمان، قال: فلم أزل أحفظ العدة الأربع البواقي، وأتوقع ما هو كائن فيهن، فكان فيهن انتزاع أهل العراق وخلافهم وإرجاف المرجفين وطعنهم على أميرهم الوليد بن عقبة.

ثم قال البيهقي: هذا إسناد صحيح ... والأمر فيها: أن النبي صلى الله عليه وسلم اتخذ خاتما فكان في يده، ثم كان في يد أبي بكر من بعده، ثم كان في يد عمر، ثم كان في يد عثمان، حتى وقع في بئر أريس بعد ما مضى من خلافته ست سنين، فعند ذلك تغيرت عمال وظهرت أسباب الفتن كما قيل على لسان زيد بن خارجة. اهـ.

كما جاء التصريح بتفسير الليالي بالسنين في رواية الحافظ ابن أبي الدنيا في كتاب (من عاش بعد الموت)، ولفظها: خلت ليلتان - جُعِلَت السنتان ليلتين - وبقيت أربع - يعني: أربع سنين - ولا نظام لهم، وأبيحت الأحماء ... اهـ.

وكان ذلك في سنة ثلاثين للهجرة، كما قال الحافظ ابن كثير في (البداية والنهاية): وفي هذه السنة – يعني سنة ثلاثين للهجرة - سقط خاتم النبي صلى الله عليه وسلم من يد عثمان في بئر أريس، وهي على ميلين من المدينة، وهي من أقل الآبار ماء، فلم يدرك خبره بعد بذل مال جزيل، والاجتهاد في طلبه حتى الساعة. اهـ.

ومن المعلوم أن عثمان قد بويع له بالخلافة يوم السبت غرة المحرم سنة أربع وعشرين بعد دفن عمر بن الخطاب بثلاثة أيام، كما ذكر أهل التراجم والسير. وبذلك تكون وفاة زيد بن خارجة بعد ذلك بسنتين، أي سنة ست وعشرين، وقد نص على ذلك الشيخ محمد بن عبد الوهاب في مختصر سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، فقال :وفيها - يعني سنة ست وعشرين - مات [زيد بن] خارجة بن زيد الأنصاري الذي تكلم بعد الموت. وكان من كلامه: خلت ليلتان. وبقيت أربع، بئر أريس وما بئر أريس. اهـ.

فالمراد بالليلتين اللتين مضتا: سنتان من خلافة عثمان، وبقيت أربع، ثم يقع الخاتم في بئر أريس، ومن ثم تظهر الفتن.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني