الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كتاب الإسلام يتحدى في الميزان

السؤال

أريد أن أسألكم عن موضوعين تحدَّث فيهما (وحيد الدِّين خان) في كتابه (الإسلام يتحدى)
الموضوع الأول هو: البحوث الرَّوحية، وذكره في الباب الخامس بعنوان: (دليل الآخرة)، سادسًا: البحوث الروحية، فقد ساق المؤلف شواهد وتجارب حقيقية حدثت بالفعل؛ لإثبات إمكان بقاء الشَّخصية الإنسانيَّة بعد الموت، ومنها ما ساقه من رؤية أحد الأشخاص لأخته التي ماتت منذ فترة، ورآها بجواره، وكانت على وجهها علامةً مميَّزةً لم يكن هذا الشَّخص يعرف سببها، وعندما قصَّ هذا الأمر على أقربائه، فإذا بأمِّه تصرخ، وتؤكد له أنَّ هذه العلامة هي من تسبَّبت فيها لابنتها، وأيضًا من ذلك ما قاله بأنَّ روحًا تسكن روحًا أخرى، تُحَدِّثهم بما هو غير معلومٍ إلَّا عند الميِّت. فما هي حقيقة هذا الأم ؟ وهل نحن نثبت هذه البحوث الروحية أم لا نؤمن بها؟ وهل يمكن لأحدٍ أن يرى شخصًا ميِّتًا بجواره، ويكون هذا حقًّا لا وهمًا أو خيالًا؟ وهل يمكن لشخصٍ في الدُّنيا أن يرى من هم في الحياة البرزخيَّة؟
أريد إجابةً مُفَصّلَةً في هذا الأمر.
الموضوع الثاني هو: الإشراق، وقراءة الأفكار، وقد ذكره في بداية الباب السَّادس بعنوان: (إثبات الرِّسالة) قبل بداية حديثه عن ضرورة الرسالة، فقد ذكر أمثلةً ليستشهد بها على إمكان وجود اتِّصالٍ بين الرَّسول وربِّه، بطرقٍ لا يمكن لأحدٍ سماعها، أو الإحساس بها، فبعدما ذكر أنَّ الحيوانات منها ما يسمع ويبصر، ويشمُّ أشياء تعجز أجهزتنا التي خلقها الله لنا أن تسمعها أو تراها أو تشعر بها، وهذا واضحٌ، لكنَّه بعد ذلك جاء بمثالٍ عجيبٍ يتحدَّث فيه عن أنَّ شخصًا يُدعَى ( فرنتر ستروبيل) تدخَّل في الإذاعة عن طريق الإشراق، فقد كان يستعرض أعماله في فندق ريجينا، عندما ناول أوراق الكوتشينه إلى أحد المتفرِّجين، وطلب منه اختيار ورقةٍ ما، وادَّعى أنَّه سينقل اسم الورقة والفندق على التَّرتيب - كما هما في ذهن المُتَفَرِّج- إلى المذيع الَّذي كان يقرأ الأخبار على إذاعة ميونيخ المحليَّة، دون أن يعرف المذيع نفسه شيئًا من ذلك، وبعد ثوانٍ سمع النَّاس المذيع يقول: ( فندق ريجينا – بنت البستوني)، وتعجَّب النَّاس من ذلك، وعندما ذهب الطَّبيب للكشف عن المذيع قال إنَّه شعر بصداعٍ رهيبٍ، ولا يعرف ماذا حدث بعد ذلك! فما تفسيركم لهذا الأمر؟ وهل يمكن التَّصديق بمثل هذه الأشياء؟!
وأيضًا أريد أن أسألكم سؤالًا يتعلَّق بهذه المسألة، وهو أنَّ هناك أناسًا يطلبون منك أن تختار أحد أوراق الكوتشينه في ذهنك دون أن تطلع عليها أحدا، وبعدها تُفَاجأ بأنَّه أخرج الورقة التي كنت قد اخترتها بالفعل في ذهنك، ولم تخبره بها، فكيف ذلك، ونحن نؤمن إيمانًا لا شكَّ فيه أنَّه لا يمكن لأحدٍ قراءة الأفكار. فما حقيقة موضوع قراءة الأفكار والإشراق؟
وهذا الكتاب قد أثنى عليه كثيرٌ من النَّاس، فقرأته لذلك، وعندما وصلت إلى هاتين الجزئيتين تحديدًا، ووجدت هذا الكلام، بدأت أشكُّ في الكتاب وفكر مؤلفه، فبحثت على النت عن آراءٍ على هذا الكتاب، ووجدت لكم إحدى الفتاوى التي تُثني عليه، وعلى مؤلفه، وأنا بالفعل وجدته مفيدًا جدًّا، ولكن هاتين الجزئيتين مَحلُّ تعجُّبٍ، واستنكارٍ عندي.
فما قولكم؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فهذا الكتاب وإن كان قيماً في بابه، ويثني عليه كثير من الباحثين المهتمين بقضية الإلحاد، إلا أن هذا لا يعني خلوه من الخطأ، أو الملاحظات! ومن ذلك ما ذكره السائل، فهو من أظهر مواضع نقد الكتاب!

ومما يعتذر به في الجملة عن المؤلف -رحمه الله- أنه إنما أراد الاحتجاج على الملاحدة بما هو من جنس أدلتهم، والاستدلال على الماديين بما كشفته الأبحاث والنظريات الحديثة، التي يستدلون بها على نقد الدين ونقضه.
وقد ذكر الدكتور سلطان العميري هذا الكتاب في ورقته البحثية عن المؤلفات في هذا الباب (المادة النقدية للفكرة الإلحادية) فقال: تقوم فكرة الكتاب على إثبات أحقية الدين أمام الفكر المادي الجديد، عن طريق الاعتماد على نفس الأدلة التي يسلكها الفكر الإلحادي في نقد الدين، وهي الاستدلال بالنظريات العلمية الحديثة.

- ويعد هذا الكتاب من أهم الكتب التي تؤسس الاقتناع العلمي لدى الشباب المسلم، بصحة العقائد الدينية الكبرى.

- حاول المؤلف القيام بأمرين:

الأول: إثبات أن النظريات العلمية -الفيزيائية والفلكية وغيرها- لا تعارض أصول الإسلام، وقد أجاد في هذا الأمر.

والثاني: إثبات أن النظريات العلمية تدل، وتؤكد صحة أصول العقائد الكبرى للإسلام، وهو في هذا الأمر لم يحسن؛ لأنه لم يخل من التكلف في الاستدلال.

- مع أهمية الكتاب، إلا أن المؤلف وقع في بعض الأخطاء.

ومنها: توسعه في الاستدلال ببعض النظريات العلمية على قضايا العقيدة، وهي لم تصل إلى درجة القطعيات.
ومنها: تبنيه لنظرية تحضير الأرواح، وقبوله لها. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني