الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من أحق بإمامة الصلاة في السفر الأمير أم الأقرأ؟

السؤال

جماعة في سفر يصلون في مقرهم، وقد حددوا أميرًا لهم حتى يعودوا من السفر، فمن أحق بإمامتهم في الصلاة هل هو الأمير، أم الأقرأ، ولو كان غير الأمير؟ وهل من حرج على هذا الأمير في أن يقدم في كل صلاة أحدهم، حسب اجتهاده في الاختيار؟ أم المشروع أن يحدد إمامًا راتبًا حتى يعودوا من السفر؟ وماذا قال أهل العلم في هذه المسألة؟ وما هي السنة في الأحق بالإمامة، بالنسبة لمن هم في سفر؟ وهل هي على سبيل الوجوب أو الاستحباب؟ أفيدونا -أثابكم الله-.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فتقديم الأقرأ للإمامة -سواء في الحضر أم السفر-، إنما هو على سبيل الندب، لا على سبيل الوجوب، قال المرداوي في الإنصاف عن الأولوية في الإمامة: وَاعْلَمْ أَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ فِي الْأَوْلَوِيَّةِ، لَا فِي اشْتِرَاطِ ذَلِكَ وَوُجُوبِهِ. اهـ. وقال المناوي في فيض القدير: إِذا كَانُوا ثَلَاثَة فليؤمهم) ندبًا (أقرؤهم لكتاب الله) أي: هُوَ أحقهم بِالْإِمَامَةِ .. اهـ.

وأما أيهما يقدم في السفر: الأقرأ أم الأمير؟ فالسنة أن يُقدم الأقرأ، وأن يكون هو الأمير، فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بتقديم الأقرأ في السفر، ولم يأمر بتقديم الأمير؛ وذلك فيما رواه ابن حبان، والبيهقي في السنن الكبرى من حديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا كُنْتُمْ ثَلَاثَةً فِي سَفَرٍ، فَلْيَؤُمَّكُمْ أَحَدُكُمْ، وَأَحَقَّكُمْ بِالْإِمَامَةِ أقرؤكم. وبوب عليه ابن حبان بابًا فقال: بَابُ اجْتِمَاعِ الْقَوْمِ فِي مَوْضِعٍ هُمْ فِيهِ سَوَاءٌ. اهـ. والحديث صححه الألباني، وشعيب الأرناؤوط.

وروى ابن أبي شيبة في المصنف: حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، قَالَ: «كَانُوا يُؤْمَرُونَ فِي السَّفَرِ أَنْ يُؤَذِّنُوا وَيُقِيمُوا، وَأَنْ يَؤُمَّهُمْ أَقْرَؤُهُمْ».

وروى البزار بإسناد حسنه الهيثمي في المجمع -وضعفه الألباني- من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا سَافَرْتُمْ، فَلْيَؤُمَّكُمْ أَقْرَؤُكُمْ وَإِنْ كَانَ أَصْغَرَكُمْ، وَإِذَا أَمَّكُمْ، فَهُوَ أَمِيرُكُمْ.

وروى ابن أبي شيبة، وعبد الرزاق في المصنف عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا خَرَجَ ثَلَاثَةٌ مُسْلِمِينَ فِي سَفَرٍ، فَلْيَؤُمَّهُمْ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ، فَإِنْ كَانَ أَصْغَرَهُمْ، فَإِذَا أَمَّهُمْ، فَهُوَ أَمِيرُهُمْ، وَذَلِكَ أَمِيرٌ أَمَّرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وهذا حديث مرسل.

قال المناوي أيضًا: (إذا كانوا ثلاثة) في سفر أو غيره (فليؤمهم أحدهم) أي: يصلي بهم إمامًا (وأحقهم بالإمامة أقرؤهم). اهـ.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني