الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

ما هو زواج الهبة؟ وما هي أحكامه؟ وما أقوال السلف فيه؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فالمقصود بزواج الهبة أن تهب المرأة نفسها لرجل، فيتزوجها بدون مهر، وهذا لا يحل إلا للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة، لقوله سبحانه: وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ [الأحزاب: 50]. قال الباجي رحمه الله في المنتقى شرح الموطأ: لا خلاف أنه لا يجوز نكاح بدون مهر لغير النبي صلى الله عليه وسلم، والأصل في ذلك قوله تعالى: وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ [الأحزاب: 50]. فأخبر تعالى أن ذلك خالص للنبي صلى الله عليه وسلم دون سائر المؤمنين، فلا يحل ذلك لغيره، ومن جهة السنة: أن المرأة قالت له: يا رسول الله إني قد وهبت نفسي لك، فلم ينكر ذلك عليها، فلو كان منكرا لأنكره، ولم يقرها عليه، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يقر على الباطل، ثم إنه لما سأل القائم نكاحها، لم يجعل له إلى ذلك سبيلا دون صداق، مع حاجة القائم وفقره وعدم ما يصدقها إياه حتى أنكحه إياها بما معه من القرآن، ولو جاز أن يخلو نكاح غير النبي صلى الله عليه وسلم من عوض لما منعه النبي صلى الله عليه وسلم ذلك مع شدة الفقر والحاجة. انتهى وقال القرطبي رحمه الله في تفسيره: أجمع العلماء على أن هبة المرأة نفسها غير جائز، وأن هذا اللفظ عن الهبة لا يتم عليه نكاح إلا ما روي عن أبي حنيفة وصاحبيه فإنهم قالوا: إذا وهبت فأشهد هو على نفسه بمهر، فذلك جائز، قال ابن عطية: فليس في قولهم إلا تجويز العبارة ولفظ الهبة وإلا فالأفعال التي اشترطوها هي أفعال النكاح بعينه. انتهى. والحاصل أن الحنفية يقولون بانعقاد النكاح بلفظ الهبة والتمليك، مع اشتراط المهر، وقد وافقهم في ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية قال في الإنصاف: وقال في الفائق: وقال شيخنا: قياس المذهب صحته بما تعارفاه نكاحا من هبة وتمليك ونحوهما، أخذا من قول الإمام أحمد رحمه الله اعتقتك وجعلت عتقك صداقك، قال في الفائق وهو المختار. انتهى. ومما احتج به الحنفية من الأثر أن رجلا وهب ابنته لعبيد الله بن الحر بشهادة شاهدين، فأجاز ذلك علي رضي الله تعالى عنه، ذكره السرخسي في المبسوط. والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني