الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إذا ركع الإمام وتأخرالمأموم لإتمام الفاتحة

السؤال

آخذ بفتواكم التي ذكرتم فيها أن المأموم يتابع إمامه في الركوع، وإن لم يتم الفاتحة، وأرجو أن تجيبوني عن الأسئلة التالية، وفقًا لهذا المذهب:
إذا بقي عليّ آيتان مثلًا من الفاتحة وركع الإمام، وغلب على ظني أني لو قرأتهما فإني سأدركه قبل أن يعتدل قائمًا من ركوعه، فهل أقرؤهما؟
إذا كانت الإجابة: (نعم)، فهل ذلك على سبيل الوجوب؟
ثانيًا: إذا قرأت الآيتين الناقصتين فعلًا، وقد غلب على ظني أني سأدركه راكعًا، ولكنه رفع قبل أن أركع، فهل تحسب لي تلك الركعة؟
ثالثًا: إذا سلم الإمام وأنا ما زلت في بداية التشهد الأخير، فهل أسلم معه أم أكمل؟
أفتوني في الأسئلة الثلاثة وفقًا للمذهب الذي قررت أن آخذ به، والمذكور في بداية السؤال.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالعلماء مختلفون في هذه المسألة، وهي إذا ما ركع الإمام قبل أن يتم المأموم الفاتحة، فمنهم من رأى أنه يتم القراءة، ولو رفع الإمام، ومنهم من رأى أنه يركع، حتى على القول بوجوب القراءة على المأموم، وهو ترجيح العلامة ابن عثيمين، وما نرجحه في هذه المسألة تراه في الفتوى رقم: 142131 وما أحيل عليه فيها.

وعلى القول بأنك تركع، ولا تتم القراءة، فإنك تبادر بالركوع متابعة للإمام؛ سواء بقي عليك يسير من الفاتحة أم كثير.

وعلى هذا القول؛ فإنك إن أتممت القراءة، فسبقك الإمام بالرفع من الركوع، ففي بطلان صلاتك -والحال هذه- خلاف، أوضحه النووي في شرح المهذب، وعبارته: وَإِنْ قُلْنَا: يَرْكَعُ، رَكَعَ مَعَ الْإِمَامِ، وَسَقَطَتْ عَنْهُ الْقِرَاءَةُ، وَحُسِبَتْ لَهُ الرَّكْعَةُ، فَلَوْ اشْتَغَلَ بِإِتْمَامِ الْفَاتِحَةِ، كَانَ مُتَخَلِّفًا بِلَا عُذْرٍ، فَإِنْ سَبَقَهُ الْإِمَامُ بِالرُّكُوعِ، وَقَرَأَ هَذَا الْمَسْبُوقُ الْفَاتِحَةَ، ثُمَّ لَحِقَهُ فِي الِاعْتِدَالِ، لَمْ يَكُنْ مُدْرِكًا لِلرَّكْعَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُتَابِعْهُ فِي مُعْظَمِهَا، صَرَّحَ بِهِ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ، وَالْأَصْحَابُ، وَهَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ، إذَا قُلْنَا بِالْمَذْهَبِ: إنَّ التَّخَلُّفَ بِرُكْنٍ وَاحِدٍ لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ، فِيهِ وَجْهَانِ، حَكَاهُمَا إمَامُ الْحَرَمَيْنِ، وَآخَرُونَ: (أَصَحُّهُمَا): لَا تَبْطُلُ، كَمَا فِي غَيْرِ الْمَسْبُوقِ، (وَالثَّانِي): تَبْطُلُ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ مُتَابَعَةَ الْإِمَامِ فِيمَا فَاتَتْ بِهِ رَكْعَةٌ، فَكَانَ كَالتَّخَلُّفِ بِرَكْعَةٍ، فَإِنْ قُلْنَا: تَبْطُلُ، وَجَبَ اسْتِئْنَافُهَا، وَحُرِّمَ الِاسْتِمْرَارُ فِيهَا، مَعَ الْعِلْمِ بِبُطْلَانِهَا. انتهى.

وأما التشهد فهو ركن، يجب إتمامه، والإتيان بالمجزئ من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وإن سلم الإمام، وأما ما زاد على ذلك، فقد بينا مذاهب العلماء فيه في الفتوى رقم: 128556.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني