الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المال الذي يتقاضاه الموظف من السمسرة التي لا يبذل فيها منصبه

السؤال

موظف كبير في الدولة يعمل مثلًا نائبًا لوزير، يتوسط بين صديق له صاحب مصنع منسوجات وشخص آخر تعرف إليه (أي: إلى الموظف)، وطلب منه أن يدله على مصنع منسوجات؛ ليشتري منه بضائع، فيتوسط بينهما، ويعرف أحدهما على الآخر، ويأخذ منهما أو من أحدهما عمولة، علمًا أن هذه العملية التي يأخذ بسببها العمولة ليس لها أدنى علاقة -لا من بعيد، ولا من قريب- بعمله الرسمي، ووزارته، أو بأي مؤسسة حكومية، كما أنه لا يستعمل منصبه الرسمي لتحقيق مكاسب غير شرعية، وقانونية لصديقيه اللذين توسط بينهما لأخذ العمولة (مثل تقليل الضرائب، والرسومات...)، وكذلك لا يقوم بأي عمل يضر أحدّا من صاحبيه؛ كأن يوجه أحدهما إلى آخر مع علمه أنه غشاش، أولا يحسن عمله، إلا أنه بسبب منصبه أصبح له معارف كثيرون، ويتصل به أناس كثيرون من خارج بلده وداخله، فيستفيد من هذا الأمر، وبطبيعة الحال فإنه سيحصل على مكاسب مادية كبيرة من هذه الأعمال تفوق راتبه أضعاف الأضعاف، فهل يجوز له استعمال جاهه هذا، ومكانته لأخذ عمولة من مثل هذه الوساطات في القطاع الخاص، مع تجنبه القطعي لعمل مثل هذه الوساطات في مجال مسؤولياته الرسمية، ووزارته، أو في أي من مؤسسات الدولة الأخرى؟ حيث إن هناك حديثًا يقول: "هدايا العمال غلول"، كما أن هناك حديث عامل الزكاة المشهور الذي قال في آخره الرسول صلى الله عليه وسلم: لو جلست في بيت أهلك هل كنت ستحصل على هذه الهدايا، أو كما قال، فهل معنى هذه الأحاديث أن أي مكسب مالي غير الراتب الذي يتقاضاه الموظف لا يجوز، أم إن الموظف يجوز أن يقوم بمثل هذه الوساطات المذكورة أعلاه في القطاع الخاص، فيحصل على منافع مالية مقابل ذلك؟ وجزاكم الله خير الجزاء.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فسعي الموظف المذكور في إتمام معاملة ما سمسارًا لا يبذل فيها منصبه، كما ذكرت في قولك: (ليس له أدنى علاقة لا من بعيد ولا من قريب بعمله الرسمي، ووزارته، أو بأي مؤسسة حكومية، كما أنه لا يستعمل منصبه الرسمي لتحقيق مكاسب غير شرعية وقانونية لصديقيه اللذين توسط بينهما لأخذ العمولة) إذا كان كذلك، فلا حرج عليه -إن شاء الله- فيها، ولا فيما يعطاه مقابل سمسرته، لكن لا بد أن يحذر هذا المسؤول من أخذ ما يعطاه بغرض التأثير عليه، وكسب وده؛ ليجامل المعطي في مجال عمله، ووظيفته؛ فأصحاب الوظائف قد يعطون هدايا، أو تقبل شفاعتهم، ووساطتهم؛ للتأثير عليهم، والطمع في محاباتهم من خلال وظائفهم، فيكون ذلك من قبيل الرشوة المحرمة، وقد بوب الإمام البخاري بابًا، فقال: باب من لم يقبل الهدية لعلة. وقال عمر بن عبد العزيز: كانت الهدية في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم هدية، واليوم رشوة. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني