الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحكام الوكالة بالقبض في الصرف

السؤال

أسأل عن الحوالة من بلد لبلد، مع اختلاف العملات. أنا أعرف وجوب شرط التقابض، ولكن هل يجوز إعطاء الفلوس لمن ينوب عنه حتى يتوفر شرط التقابض؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقبض الوكيل يقوم مقام قبض موكله، ما لم يتفرق العاقدان للصرف من المجلس، وقد عقد البخاري في كتاب الوكالة من صحيحه بابا للوكالة في الصرف، قال فيه: وقد وكل عمر وابن عمر في الصرف. اهـ.

ونقل الشراح - كابن بطال وابن الملقن وابن حجر - عن ابن المنذر قوله: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن الوكالة في الصرف جائزة، ولو وكل رجل رجلا يصرف له دراهم، ووكل آخر يصرف له دنانير، فالتقيا وتصارفا صرفا جائزا، أن ذلك جائز، وإن لم يحضر الموكلان أو أحدهما. اهـ.

وذكر مثله ابن القطان في كتاب الإقناع في مسائل الإجماع.

وقال ابن قدامة في المغني: لو وكل أحدهما وكيلًا في القبض، فقبض الوكيل قبل تفرقهما، جاز، وقام قبض وكيله مقام قبضه، سواء فارق الوكيل المجلس قبل القبض، أو لم يفارقه. وإن افترقا قبل قبض الوكيل بطل؛ لأن القبض في المجلس شرط، وقد فات. اهـ.

وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: ذهب جمهور الفقهاء: إلى أنه تصح الوكالة بالقبض في الصرف، فلو وكل المتصارفان من يقبض لهما، أو وكل أحدهما من يقبض له، فتقابض الوكيلان، أو تقابض أحد المتصارفين ووكيل الآخر قبل تفرق الموكلين، أو قبل تفرق الموكل والعاقد الثاني الذي لم يوكل جاز العقد، وصح القبض؛ لأن قبض الوكيل كقبض موكله. وإن افترق الموكلان، أو الموكل والعاقد الثاني قبل القبض، بطل الصرف، افترق الوكيلان أو لا، فالمعتبر في الافتراق المخل للصرف هو افتراق العاقدين لا الوكيلين. فإذا عقد ووكل غيره في القبض، وقبض الوكيل بحضرة موكله في مجلس العقد صح. وهذا عند جمهور الفقهاء: (الحنفية والشافعية والحنابلة وهو الراجح عند المالكية). والقول الثاني عند المالكية وهو المشهور: أنه إن وكل غيره في القبض بطل الصرف، ولو قبض بحضرة موكله؛ لأنه مظنة التأخير. اهـ.

لكن لا بد من مراعاة تحقق ذلك في الواقع، فالشائع أنه في مثل هذه المعاملات التي يتم فيها تحويل المال من بلد إلى بلد، لا يقبض الوكيل حتى يتفرق العاقدان، بل قد يتأخر القبض أياما مما يوقع في ربا النسيئة؛ لأن المعاملة تتضمن بيع نقد بنقد مع تحويله إلى بلد آخر، وبيع نقود بنقود من عملة أخرى يشترط له أن يقبض كل من الطرفين ما يخصه من النقود في مجلس العقد، أو ما يقوم مقامه، ولا يجوز أن يتفرقا قبل القبض. وعليه، فلا بد لصحة تلك المصارفة أن يحضر الوكيل الذي سيستلم النقود لحظة تسليم المبلغ من موكله للتاجر مثلا.

هذا؛ وننبه إلى أن هذه المسألة مما عمت به البلوى في كثير من البلدان، وللضرورات فيها أحكامها التي تقدر بقدرها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني