الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم السؤال عن العلاقات المحرمة في الماضي ووجوب الستر على النفس

السؤال

أنا طالب في الجامعة، ومقبل على التخرج. تعرفت على فتاة تتعلم معي بالجامعة، وأحببتها لدرجة لا توصف، ورأيت بها زوجتي المستقبلية.
ومن كثرة ما سمعت عن علاقات الحب في الجامعة والتمادي بها، سألتها في إحدى المرات بشكل صريح إن كان لها ماض؟ وقالت لي إن لديها أمرا ولا تريد البوح به؛ فأصبحت أفكر كثيراً؛ لأن الجواب كان مخيفاً.
قمت بإعادة السؤال، بعد فترة، فقالت إنها تريد مصارحتي كي لا تشعر أنها ضحكت علي، أو غشتني بحقيقتها. وقبل الإجابة قالت إنها تتوقع تحول علاقتنا من حب وراحة بال، إلى جحيم. وبالفعل هذا ما حصل، ضاق صدري بشكل لا يوصف، حيث كان الأمر الذي يؤرقها إنها في المرحلة الثانوية العامة كانت عل علاقة حب مع أستاذها المتزوج، ولديه طفل، وأقنعها أنه سوف يطلق زوجته ويتزوجها بعد تخرجها، ووصل عمق العلاقة بينهما إلى أن قبلا بعضهم البعض، ووضعت عضوه بفمها.
بعد أن صارحتني بهذا الكلام، شعرت بأن قلبي اقتلع من صدري، وكرهتها في حينه كثيراً، وأصبحت أتخيل الموقف كثيرا، ولا أستطيع أن ألتمس لها عذراً؛ لكونها بنت 17 أي لديها من الوعي ما يكفي، وكان عليها أن لا تكون إِمعة وتقبل؛ لأنه متزوج ويكبرها بكثير، مع العلم أن علاقتها في البيت مع أهلها وخاصةً مع أبيها مكللة بالكثير من المشاكل وعدم التفاهم، وازدادت سوء بعد أن عرف أبوها بهذه العلاقة.
أنا الآن متخبط بشكل لا يوصف، أحن إلى حبي، ومدى العمق والرضى الذي كان مني تجاهها، وأكرهها لكوني أتخيل الموقف، وأقول: ما الحكمة من قضاء ربنا بهذا، أن تصل هي لهذا الحد من التصرف مع أحد كان متزوجا، وأين كان عقلها؟ ولماذا يسر الله هذا الشيء لكي يحدث، واستطاع ذلك الشخص استغلال بعدها عن أهلها، والوصول لهذه الأهداف الدنيئة دون أن يُكشف قبل كل ذلك العمق؟ .... متأسف على هذا التجاسر، وأصبحت لدي شكوك من وجود العدل على الأرض.
أنا في حيرة من أمري. أرجوكم أن توجهوني.
أفكر حينًا في أن أعود لها، وأن أكون السند لها بهذه الدنيا، وأعود وأفكر بعد لحظات. خشيت أن أعيش جُل حياتي بالتفكير بهذا الأمر؛ لكوني لم أسمح لنفسي بكل حياتي أن أفعل شيئا بهذا الوقع العظيم، وأخاف أن حتى بعلاقتي الجنسية كزوج معها في المستقبل، أن يبقى هذا الأمر عائقا يرقني، مع العلم أنها تعرف بمدى أخلاقها الحميدة، واحترامها إلا أن هذه الحادثة حولت نظرتي إليها إلى 180 درجة، من الفتاة التي كنت أرى بها كل العفة والتزامها بأمور دينها، حيث غنها تلبس الجلباب، ومحافظة على فروضها.
وكم تحبني، وتحرص على سعادتي. إلى فتاة قبلت بالسماح لنفسها بفعل دنيء كهذا، وفي عمر صغير نسبياً وأشعر أنها تلوثت بعد هذا الفعل (مع العلم أن هذا الأمر حصل قبل 6 سنوات).
أرجوكم أن تبلغوني كيف الخروج من هذا القفص الذي يكبت على صدري منذ أكثر من 5 أشهر، لا أريد أن يملئ صدري الشك في زواجي، وأبقى خائفا من تصرفاتها لان لها ماضيا، وأخاف من أي تقصير معها قد يجعلها تكون علاقات حميمة بالسر، فلو حدث هذا جعلت حياتها جحيما....
كل المصدر من تعلقي بها بهذا الشكل تيمناً بحديث الرسول صل الله عليه سلم: (تنكح المرأة لأربع: مالها وجمالها وحسبها ودينها) وكم كنت أطمع بتمسكها بدينها، وأقول في نفسي لن أجد امرأة أكثر عفة منها...................لكن وقع الحقيقة التي أخبرتني بها أخلت بموازني، وهزت كياني.
هل هناك طريق تخرجني من ضيق التفكير؟
أفتوني بما يريح صدري قد ضاقت بي الأرض بما رحبت.
ملاحظة: كم أتمنى أن أعرف ذلك الأستاذ لأقتص منه ولو بالقوة، وبشكل غير قانوني!!!

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فما يحصل من التعارف بين الشباب والفتيات، وما يعرف بعلاقات الحب بينهما، باب شر وفساد، وانظر الفتوى رقم: 1932.
وسؤالك الفتاة عما وقع منها في الماضي من العلاقات المحرمة، سؤال ما كان ينبغي وإخبارها لك بما وقعت فيه من الفعل المحرم غير جائز، وقد كان عليها أن تستر على نفسها ولا تفضحها؛ ففي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم :"... أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ آنَ لَكُمْ أَنْ تَنْتَهُوا عَنْ حُدُودِ اللَّهِ، مَنْ أَصَابَ مِنْ هَذِهِ الْقَاذُورَاتِ شَيْئًا فَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللَّهِ؛ فَإِنَّهُ مَنْ يُبْدِي لَنَا صَفْحَتَهُ نُقِمْ عَلَيْهِ كِتَابَ اللَّهِ. رواه مالك في الموطأ.

قال ابن عبد البر (رحمه الله) : "..فيه أيضا ما يدل على أن الستر واجب على المسلم في خاصة نفسه، إذا أتى فاحشة. اهـ.

وإذا كانت هذه الفتاة صالحة قد تابت مما وقعت فيه توبة صحيحة، فلا يعيبها ما وقعت فيه في الماضي، فالتوبة تمحو ما قبلها والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، والعبرة بحال المرأة في الحاضر لا بماضيها، وأمّا بحثك عن الأستاذ المذكور ومعاقبته على فعلته فليس لك ذلك، فاطرد عن نفسك هذه الخواطر وأحسن الظن بالفتاة ما دامت مستقيمة.
أمّا إذا كانت الفتاة غير مستقيمة، فاتركها واستر عليها ولا تفضحها، وابحث عن غيرها من الصالحات.
وإذا كنت تخشى أن تؤثر عليك هذه الحادثة ما لو تزوجت بهذه الفتاة فانصرف عنها، والنساء غيرها كثير كما الرجال غيرك كثير فلا تضيق واسعا .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني