الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

واجب المأموم عند خطأ الإمام في الدعاء

السؤال

إمام يخطئ كثيرًا في الوقف والابتداء في أشياء يكون معناها شركيًّا، فهل يجوز ردّه فيها؟ ويخطئ أيضًا في الدعاء، فيقول أشياء لا تصحّ أصلًا، مثل: "اللهم اقسم لنا من اليقين ما تهوّن به علينا مصائب الدنيا، وعذاب الآخرة"، وفي رمضان كان يقول: "اللهم إنا نعوذ بك من شرّ ليلة القدر، وشرّ ما بعدها"، فلو كانت هذه الأدعية خاطئة، فهل يجوز ردّه فيها في الصلاة؟ وهل يجوز الاستغفار داخل الصلاة عند سماع مثل هذه الأشياء، سواء القراءة أم الدعاء؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فقد سبق أن بينا في عدة فتاوى مشروعية الفتح على الإمام، وأنه قد يكون واجبًا إذا كان الخطأ يغير المعنى، مثل أن يقتضي كفرًا، أو يخلط آية رحمة بآية عذاب، ونحو ذلك، وقد يكون مستحبًا، إذا لم يغير المعنى، وما في تلك الفتاوى يغني عن الإعادة هنا، فانظر الفتوى رقم: 294961، والفتوى رقم: 62629.

وفيما يخص الدعاء لا شك أن ما ذكرته يعتبر من جملة الخطأ المخالف لما جاء به الشرع من الدعاء، فلا يشرع أن يدعو العبدُ ربه بأن يهوّن عليه من عذاب الآخرة؛ لأن هذا فيه نوع يأس من رحمة الله تعالى، وأن الله تعالى سيعذبه على كل حال، ولن يغفر له!

بل المشروع أن يدعو بأن يصرف عنه العذاب، وهذا ما جاء به القرآن في مثل قوله تعالى عند ثنائه على عباده في آخر سورة الفرقان: وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا {الفرقان:65}، ومثل قوله تعالى في سورة آل عمران: الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ {آل عمران:16}، وغير ذلك من الآيات.

فإذا دعا الإمام بمثل هذا الدعاء في الصلاة، فإننا نرى أن ينصح بعد الصلاة برفق، وحكمة، ويبين له خطؤه.

ولا يتكلم في الصلاة، ولا يستغفر المأموم لهذا الخطأ الذي بدر من الإمام. وقد نص الفقهاء على أنه يكره للمصلي إذا سمع شيئًا يغمّه أن يسترجع، أو نحو هذا، قال المرداوي في الإنصاف: لَوْ عَطَسَ، فَقَالَ: "الْحَمْدُ لِلَّهِ"، أَوْ لَسَعَهُ شَيْءٌ، فَقَالَ: "بِسْمِ اللَّهِ"، أَوْ سَمِعَ، أَوْ رَأَى مَا يَغُمُّهُ، فَقَالَ: "إنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ"، أَوْ رَأَى مَا يُعْجِبُهُ، فَقَالَ: "سُبْحَانَ اللَّهِ"، وَنَحْوَهُ: كُرِهَ ذَلِكَ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ ... وَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ ... اهــ. وانظر للفائدة الفتوى رقم: 56526 عن الخطأ في الدعاء.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني