الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بطلان الزعم بقراءة ابن مسعود وابن عباس: والشمس تجري لا مستقر لها

السؤال

قرأت في بعض كتب التفسير، أنهم رووا عن ابن مسعود وابن عباس -رضي الله عنهما- قراءة آية: (والشمس تجري لمستقر لها) بهذه القراءة: (والشمس تجري لا مستقر لها)
سؤالي هو: لماذا قرؤوا الآية بهذه القراءة؟ وهل تعد صحيحة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن الجواب عن سؤالك: "لماذا قرؤوا الآية بهذه القراءة" ينبغي أن يفرَّع على ثبوت صحة القراءة بهذا عنهما؛ فقد جاء في المثل: (أثبت الحجر، ثم انقش).
وهذه القراءة ذكرها جمع من المفسرين من دون إسناد، وأسندها أبو عبيد القاسم بن سلام في فضائل القرآن، وحفص بن عمر في كتاب جزء قراءات النبي صلى الله عليه وسلم.
فقد قال أبو عبيد القاسم بن سلام في فضائل القرآن: حدثنا مروان بن معاوية، عن محمد بن أبي حسان، عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس، أنه كان يقرأ: (والشمس تجري لا مستقر لها). انتهى.
وجاء في كتاب جزء قراءات النبي صلى الله عليه وسلم لحفص بن عمر: حدثني أبو عمارة حمزة بن القاسم، عن مروان بن معاوية، عن محمد بن حسان، عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس، أنه قرأ: (والشمس تجري لا مستقر لها). اهـ.

وهذان السندان مدارهما على محمد بن أبي حسان، أو محمد بن حسان.

وقد قال عنه الذهبي في ميزان الاعتدال: محمد بن حسان: شيخ لمروان بن معاوية. لا يدرى من هو. وقيل: هو المصلوب. انتهى.

وقد أطنب في الكلام عليه في تاريخ الإسلام، فقال: محمد بن سعيد بن حسان المصلوب، وهو محمد بن أبي قيس، وهو محمد بن الطبري، وهو القرشي وهو الأردني، وهو الدمشقي وهو ابن الطبري. وقد دلسوه ألوانا كثيرة؛ لئلا يعرف لسقوطه. إلى آخر كلامه فيه.
وقد أشار جمع من أهل العلم لبطلان هذه القراءة، فقد قال القرطبي في تفسيره: وقرأ ابن مسعود وابن عباس:"والشمس تجري لا مستقر لها" أي إنها تجري في الليل والنهار لا وقوف لها، ولا قرار، إلى أن يكورها الله يوم القيامة. وقد احتج من خالف المصحف فقال: أنا أقرأ بقراءة ابن مسعود وابن عباس. قال أبو بكر الأنباري: وهذا باطل مردود على من نقله؛ لأن أبا عمرو روى عن مجاهد عن ابن عباس، وابن كثير روى عن مجاهد عن ابن عباس: "والشمس تجري لمستقر لها" فهذان السندان عن ابن عباس اللذان يشهد بصحتهما الإجماع، يبطلان ما روي بالسند الضعيف مما يخالف مذهب الجماعة، وما اتفقت عليه الأمة. قلت: والأحاديث الثابتة التي ذكرناها ترد قوله، فما أجرأه على كتاب الله، قاتله الله. اهـ.

وجاء في أوضح التفاسير لابن الخطيب: ورووا عن ابن عباس، وابن مسعود -رضي الله تعالى عنهما- قراءة: «والشمس تجري لا مستقر لها» والإجماع على بطلانها؛ لمخالفتها رسم المصحف الإمام. انتهى.

وبهذا يتبين لك أن هذه القراءة غير ثابتة بالمرة، فيكون الجزء الأول من سؤالك غير وارد أصلا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني