الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم ماء الاستنجاء الخارج من الذكر

السؤال

لقد أجبتم على سؤالي رقم: 2710379 بإرسالي إلى فتاوى أخرى، ولكن تلك الفتاوى ليست منطبقة على سؤالي. وأنا أعلم أنكم تفتون بنجاسة ما يدخل باطن الإحليل ثم يخرج كالماء مثلا، أو ما شابهه. ولكن سؤالي: هل هذا محل خلاف أم لا؟ يعني هل اجتمع العلماء على هذا؟ فقد رأيت اثنتين من فتاويكم في هذا الأمر، وفِي كليهما وضعتم قول ابن قدامة.
فهل اجتمع العلماء معه أم هناك اختلاف؟ مثلا رأيت هذا القول على الإنترنت، ولكن لا أريد أن أفسره بنفسي؛ فأريد أن أسألكم هل هذا يقول بطهارة ما يدخل إلى باطن الإحليل ثم يخرج، كماء الاستنجاء أو المسبح أم لا؟ وإن كان يقول بطهارته. فهل يمكن أن آخذ بهذا القول؟ فأنا أرى هذه النجاسة قد انتشرت؛ لأنني كنت أراه طاهرا.
قال الشيخ الإمام شمس الأئمة الحلواني -رحمه الله-: وتأويل هذا في الذي يرى البلل على طرف ذكره وقد استنجى؛ فيحتمَل أن يكون ذلك من بلل الغَسل، فأما إذا علم الرجل أنه خرج من داخل الإحليل، فعليه أن يتوضأ.
ومن أصحابنا من قال: وإن علم أنه خرج من ذكره لا ينتقض وضوؤه، ما لم يستيقن أنه بول أو مذي إذا كان قد استنجى، فقد ذكر في بعض «النوادر» أن المستجني إذا دخل الماء في ذكره ثم خرج، لا ينقض وضوؤه، فيحتمل أن يكون هذا الخارج من ماء الاستنجاء. قال شيخ الإسلام -رحمه الله-: الحيلة في قطع هذه الوسوسة، أن ينضح فرجه بالماء، فإذا أراه الشيطان ذلك، أحاله على الماء. وقد روى أنس -رضي الله- «أن رسول الله عليه السلام كان ينضح إزاره بالماء إذا توضأ، وقال: نزل جبريل صلوات الله عليه وأمرني بذلك». قالوا: هذا الاحتيال إنما ينفعه إذا كان العهد قريباً بحيث لم يجف البلل، فأما إذا مضى عليه زمان ثم رأى بللاً، فإنه يعيد الوضوء؛ لأنه لا يمكننا الإحالة على ذلك الماء، والله أعلم".
وأرجو أن تجيب عَلى هذا السؤال، ومختصره هو: هل أجمع العلماء عَلى نجاسة ما يدخل إلى باطن الإحليل ثم يخرج كماء الاستنجاء، أو المسبح مثلا وإن كان هناك خلاف هل هو قوي يمكن أن آخذ به؟ وقد أخبرتكم عن المشقة التي أصابتني في هذا الأمر في السؤال السابق، وأنا أعلم أن غسل باطن الذكر حرام، ولكن كنت أفعل هذا من قبل، والآن أعلم أنه بدعة وحرام، ولكن المشكلة هي انتشار هذا الماء، فأنا كنت أحسبه طاهرا فلا أغسل يدي منه، ولا تقل لي إنه لم ينتشر أنا بحاجة إلى جواب. هل هناك قول يمكن أن آخذ به أنه طاهر.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنشكر لك تواصلك مع موقعنا، ونسأل الله لك العافية من داء الوسوسة، واعلم أنه لا علاج لك إلا بالإعراض عن الوساوس جملة، والكف عن التشاغل بها، وقطع الاسترسال معها، وعدم السؤال عنها، والضراعة إلى الله بأن يعافيك منها. وينبغي لك كذلك مراجعة الأطباء النفسيين، لعلاج ما ألمّ بك من داء الوسوسة. فجاهد نفسك على تجاهل الوساوس، وألا تعيرها بالا، فهذا هو الدواء لما ابتليت به، وليس علاج الوسوسة في التنقير عن الأقوال والخلافيات!

وما تذكره عن ولوج الماء إلى باطن الإحليل بعد الاستنجاء، ما هو إلا ضرب من الوسوسة، فالظاهر أنه الماء المتبقي على الذكر من الاستنجاء، وهو طاهر، كما تراه في الفتويين: 350305، 316726.

والنقل الذي ذكرته من كتاب المحيط البرهاني في الفقه النعماني -من كتب المذهب الحنفي-، فيه رخصة بطهارة ماء الاستنجاء الخارج من الذكر، وعدم نقضه للوضوء.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني