الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

صور التعاون بين الجن والإنس

السؤال

هل يوجد دليل في القرآن الكريم أو الحديث شريف عن تعامل الإنس مع الجن؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فلم يبين لنا السائل الكريم حدود التعامل الذي يسأل عنه بين الجن والإنس، وقد دل القرآن والسنة على حدوث تعامل حسي ملموس بين الإنس والجن في الخير وفي الشر، فضلا عن التعامل بالوسوسة من قِبَلِ الشياطين، والاستجابة من قبل الإنس، فمن صور التعامل في الخير ما قصه الله تعالى عن نبيه سليمان عليه السلام من أنه سخر له الجن: وَمِنَ الشَّيَاطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلًا دُونَ ذَلِكَ وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ {الأنبياء:82}، وأنهم: يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ {سبأ:13}، .
ومن صور التعامل بالباطل ما فعله الشيطان قبل غزوة بدر، وكيف زين لكفار قريش مضيهم لمحاربة الرسول صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ ...{الأنفال: 48} قال ابن كثير: حسَّن لَهُمْ -لعنه الله -ما جاؤوا لَهُ وَمَا هَمُّوا بِهِ، وَأَطْمَعَهُمْ أَنَّهُ لَا غَالِبَ لَهُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ، وَنَفَى عَنْهُمُ الْخَشْيَةَ مِنْ أَنْ يُؤْتُوا فِي دِيَارِهِمْ مِنْ عَدُوِّهُمْ بَنِي بَكْرٍ فَقَالَ: أَنَا جَارٌ لَكُمْ، وَذَلِكَ أَنَّهُ تَبَدَّى لَهُمْ فِي صُورَةِ سُرَاقة بْنِ مَالِكِ بْنِ جُعْشُم، سَيِّدِ بَنِي مُدْلج، كَبِيرِ تِلْكَ النَّاحِيَةِ ... اهــ
وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن كيفية تعامل السحرة مع الشياطين الذين يضلونهم، وكيف يتلقون منهم باطلهم. ففي حديث أبي هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: إِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِذَا قَضَى اللَّهُ الأَمْرَ فِي السَّمَاءِ، ضَرَبَتِ المَلاَئِكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا خُضْعَانًا لِقَوْلِهِ، كَأَنَّهُ سِلْسِلَةٌ عَلَى صَفْوَانٍ، فَإِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا: مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ؟ قَالُوا لِلَّذِي قَالَ: الحَقَّ، وَهُوَ العَلِيُّ الكَبِيرُ، فَيَسْمَعُهَا مُسْتَرِقُ السَّمْعِ، وَمُسْتَرِقُ السَّمْعِ هَكَذَا بَعْضُهُ فَوْقَ بَعْضٍ - وَوَصَفَ سُفْيَانُ بِكَفِّهِ فَحَرَفَهَا، وَبَدَّدَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ - فَيَسْمَعُ الكَلِمَةَ فَيُلْقِيهَا إِلَى مَنْ تَحْتَهُ، ثُمَّ يُلْقِيهَا الآخَرُ إِلَى مَنْ تَحْتَهُ، حَتَّى يُلْقِيَهَا عَلَى لِسَانِ السَّاحِرِ أَوِ الكَاهِنِ، فَرُبَّمَا أَدْرَكَ الشِّهَابُ قَبْلَ أَنْ يُلْقِيَهَا، وَرُبَّمَا أَلْقَاهَا قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُ، فَيَكْذِبُ مَعَهَا مِائَةَ كَذْبَةٍ، فَيُقَالُ: أَلَيْسَ قَدْ قَالَ لَنَا يَوْمَ كَذَا وَكَذَا: كَذَا وَكَذَا، فَيُصَدَّقُ بِتِلْكَ الكَلِمَةِ الَّتِي سَمِعَ مِنَ السَّمَاءِ. والحديث رواه البخاري، وانظر للفائدة الفتوى رقم: 174247. عن علاقة الجن بالإنس.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني