الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحكام أخبار وكالات الإعلام الكافرة

السؤال

ما حكم قبول الأخبار السياسية وغيرها من صحف ووكالات أنباء كافرة بدعوى أنها موثوقة؟ وما حكم من يبني رؤيته السياسية على هذه الصحف؟ وما حكم من أنكر عليه ذلك؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فالأخبار التي تتناقلها وسائل الإعلام؛ سواء كانت في بلاد الإسلام، أو بلاد الكفر هي من باب الإخبار، لا من باب الشهادات، وكثير مما يخبرون به ليست من باب الديانات، والكافر إنما يرد خبره إذا كان في باب الديانات؛ كالحدود، والشهادة عليها، والأمور المتعلقة بالعبادات؛ كاتجاه القبلة، ورؤية الهلال، ونحو ذلك.

وأما الأخبار العامة التي لا علاقة لها بالديانة، فإنه لا يرد قوله لمجرد كفره، وقد صَدَّق النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- خبر الغلام الكافر الذي أسره الصحابة قبيل غزوة بدر، وأخبرهم أنه لقريش، وظنوا أنه يكذب، وأنه لقافلة أبي سفيان طمعا منهم في أن القافلة لم تُفْلِتْ، فضربوه والنبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي ويسمعهم، فلما قضى صلاته قال: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّكُمْ لَتَضْرِبُونَهُ إِذَا صَدَقَكُمْ، وَتَدَعُونَهُ إِذَا كَذَبَكُمْ، هَذِهِ قُرَيْشٌ قَدْ أَقْبَلَتْ ... إلخ ، والحديث رواه مسلم وأبو داود.

وجاء في الدرر السنية نقلا عن الشيخ محمد بن عبد الوهاب ــ رحمه الله تعالى ــ وهو يذكر بعض الفوائد المستنبطة من صلح الحديبية: السابعة والثلاثون: الوثوق بخبر الكافر في بعض أمور المسلمين ليس مذموما. اهـ

وقد نص أهل العلم على قبول خبر الكافر في غير الديانات ، قال صاحب الدر المختار من كتب الحنفية: خَبَرَ الْكَافِرِ مَقْبُولٌ بِالْإِجْمَاعِ فِي الْمُعَامَلَاتِ لَا فِي الدِّيَانَاتِ .. اهـ
بل حتى في باب الديانات نصوا على أن خبر الكفار يقبل إذا بلغوا حد التواتر، قال ابن حجر الهيتمي الشافعي في الفتاوى الفقهية الكبرى: وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا إذَا بَلَغَ الْمُخْبَرَ مِنْ الْفَاسِقِ أَوْ الْكَافِرِ عَدَدُ التَّوَاتُرِ، بِأَنْ كَانُوا جَمْعًا يُؤْمَنُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ، وَأَخْبَرُوا عَنْ عِيَانٍ فَيُقْبَلُ خَبَرُهُمْ؛ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْفُقَهَاءُ وَالْأُصُولِيُّونَ ... وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ أَيْضًا مَا إذَا أَخْبَرَ الْكَافِرُ أَوْ الْفَاسِقُ عَنْ فِعْلِ نَفْسِهِ. اهـ
وقد ثبت بالواقع أن مِنْ وكالات الأنباء ومواقع الأخبار التي عند الكفار ما هو أصدق من كثير من وكالات الأنباء التي في بعض بلاد المسلمين، وأن الرقابة في بلاد الكفار على وكالات الأخبار والمحاسبة القضائية لها في حال ظهور الكذب صارمة، وتكلفهم الملايين، والطرد من العمل بل والسجن، بخلاف كثير من وكالات الأنباء التي يديرها مسلمون، فالقول بعدم تصديق تلك الوكالات لمجرد أنها كافرة، وقبول أخبار هذه الوكالات الكاذبة لمجرد أنها مسلمة هذا فيه ما فيه من عدم الإنصاف، ولا يعني هذا تصديق كل ما في تلك الوكالات في بلاد الكفر؛ إذ من المعلوم أنها تكذب أيضا، وتكيل بمكاييل مختلفة، ولكن المقصود أنه لا يرد خبرها لمجرد كفر القائمين عليها.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني