الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

معنى حديث: ما من عبد يسترعيه الله رعية...

السؤال

ماذا يعني قول النبي صلى الله عليه وسلم: غاش لرعيته.
ماذا يعني غش الرعية؟ في ماذا يغشهم وكيف يغشهم؟
وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد أخرج البخاري ومسلم -واللفظ له- عن الحسن، قال: عاد عبيد الله بن زياد، معقل بن يسار المزني في مرضه الذي مات فيه، قال معقل: إني محدثك حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، لو علمت أن لي حياة ما حدثتك، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من عبد يسترعيه الله رعية، يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته، إلا حرم الله عليه الجنة.

وفي رواية لمسلم: عن أبي المليح أن عبيد الله بن زياد عاد معقل بن يسار في مرضه، فقال له معقل: إني محدثك بحديث، لولا أني في الموت لم أحدثك به، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من أمير يلي أمر المسلمين، ثم لا يجهد لهم، وينصح، إلا لم يدخل معهم الجنة.

ومعنى غش الراعي للرعية: هو تضييع ما أوجب عليه من رعايتها في أمر دينها ودنياها.

قال القاضي عياض: ومعناه بين في التحذير من غش المسلمين لمن قلده الله شيئا من أمرهم، واسترعاه عليهم، ونصبه خليفة لمصلحتهم، وجعله واسطة بينه وبينهم في تدبير أمورهم في دينهم ودنياهم.

فإذا خان فيما اؤتمن عليه، ولم ينصح فيما قلده واستخلف عليه إما بتضييع لتعريفهم ما يلزمهم من دينهم، وأخذهم به، والقيام بما يتعين عليه من حفظ شرائعهم، والذب عنها لكل متصد لإدخال داخلة فيها، أو تحريف لمعانيها، أو إهمال حدودهم، أو تضييع حقوقهم، أو ترك حماية حوزتهم ومجاهدة عدوهم، أو ترك سيرة العدل فيهم، فقد غشهم. اهـ.

وقال القرطبي في المفهم: قوله: ما من عبد يسترعيه الله رعية... الحديث، هو لفظ عام في كل من كلف حفظ غيره؛ كما قال صلى الله عليه وسلم: كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته؛ فالإمام الذي على الناس راع، وهو مسؤول عن رعيته، وهكذا الرجل في أهل بيته، والولد، والعبد.
والرعاية: الحفظ والصيانة، والغش: ضد النصيحة.

وحاصله: راجع إلى الزجر عن أن يضيع ما أمر بحفظه، وأن يقصر في ذلك مع التمكن من فعل ما يتعين عليه. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني