الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المعيار في اختيار الزوجة ليس المشاعر العاطفية فقط

السؤال

أحببت فتاة مدة ست سنوات، وحصلت مشاكل، وعرفت أمها بقصة حبنا، ثم تقدم للفتاة شاب، وبعد مدة كتبوا عقد الزواج، وبعد ذلك فسخت الخطبة، وهذا حسب قول حبيبتي.
وفي الفترة التي خطبت فيها، خطبت أنا أيضًا؛ محاولًا نسيانها، ولم أنسها، وبعد كل ذلك رجعت حبيبتي، وأخبرتني القصة، وأنا في قلبي حب كبير لها، وبقيت على تواصل مع محبوبتي وأنا خاطب، وخطيبتي لا تعلم بأمرها، ولا تعلم أني أتكلم مع غيرها، وكلما حاولت الابتعاد عن محبوبتي، ترجع لي بطريقة مختلفة عن الثانية، وأنا لا أقدر على فراقها، وآخر شيء فكرت أن أترك خطيبتي، وأذهب للحب القديم ونتزوج، ولكن خطيبتي صغيرة وقلبها طيب، وهي إنسانة رائعة فيها جميع الصفات، ولكن قلبي لا يتقبلها؛ لدرجة أنها عندما تتصل بي أبعد الهاتف عن أذني، ولا أطيق محادثتها، وأحس بثقل في صدري، فما الفعل الصحيح الذي يرضي الله؟ فلا يوجد سبب للابتعاد عن خطيبتي، وبقي ما يقرب من خمسة أشهر على زواجنا، فكيف أفسخ الخطبة؟
وأنا في هذه الحالة أحس أني ظلمتها بهذا الفعل، ولا أحب أن أظلم أحدًا، ولكني كلما حاولت أن أتعايش مع الوضع، وأن تكون معاملتي معها ممتازة، يستمر ذلك لمدة يومين فقط، وباقي الأيام لا أسأل عنها إلا قليلًا، وفي اليوم أتكلم معها لمدة ساعة، فماذا أفعل؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنشكرك على ثقتك بنا، وكتابتك إلينا.

ونود في البدء أن نلفت نظرك إلى أنك في سؤالك هذا لم تذكر أنك أخطأت بإقامتك علاقة عاطفية مع امرأة أجنبية عنك، طيلة هذه المدة الطويلة، وأنك تحادثها على وجه غير مشروع، ولم تبدِ على ذلك ندمًا، أو تقبل على توبة، وكلا الأمرين -نعني إقامة العلاقة، والمحادثة- معصية لله عز وجل، تجب التوبة منها، وقطع هذه العلاقة، وراجع الفتاوى: 30003، 21582، 5450.

والزواج مشوار طويل، وحياة يمكن أن تكتنفها كثير من العوائق، التي تتطلب كثيرًا من الفهم، والتعقل لتجاوزها، فليست فسحة تخلو من كدر، كما هو شأن الحياة عمومًا، ورحم الله الشاعر أبا العتاهية، حيث قال:

ما زالَتِ الدُنيا لَنا دارَ أَذى مَمزوجَةَ الصَفوِ بِأَلوانِ القَذى
الخَيرُ وَالشَرُّ بِها أَزواجُ لِذا نِتــاجٌ وَلِذا نِتـــاجُ

ومن هنا لا ينبغي أن يخضع أمر الزواج لمجرد مشاعر عاطفية، قد تكون في غالب الأحيان مبنية على أوهام سرعان ما تتهاوى عند الدخول في هذه الحياة الزوجية، ونحن هنا لا نريد أن نقول لك: تزوج من تلك الفتاة الأولى، أو من هذه الثانية، ولكن نقول لك: أحسِن الاختيار؛ بناء على الأسس التي جاء بها الشرع، ويمكنك أن تستفيد في هذا الجانب من فتوانا: 8757.

فإذا سلكت هذا النهج، تكون قد أرحت نفسك من القلق، والتوتر، والحيرة فيمن هي أحق باختيارها زوجة، ومنه تعلم أن الاختيار قد يقع على ثالثة، أي: غير هاتين الفتاتين.

ونؤكد لك أمرَ الاستخارة، والتي قد سبقت الإشارة إليها، إضافة إلى الاستشارة، فبهما يكون التوفيق بإذن الله تعالى، وراجع في الاستخارة الفتوى: 19333، والفتوى: 123457.

وننبهك إلى أمرين:

الأمر الأول: أن المرأة إذا خطبها رجل، وركن كل منهما للآخر، فلا يجوز لأحد خطبتها، إلا إذا تركها هذا الخاطب، أو أذن، وانظر للمزيد الفتوى: 196461.

وإذا عقد له عليها العقد الشرعي، فقد أصبحت زوجة لآخر، فيتأكد منع خطبتها حتى يطلقها، كما أن التواصل معها مما يعظم به الإثم؛ لما فيه من الجناية على حق زوجها، إضافة إلى ما فيه من معصية لله سبحانه.

الأمر الثاني: أن فسخ الخطبة ليس فيه ظلم للمخطوبة، فإنه جائز، ولكنه يكره إن لم يكن لحاجة.

ويمكن فسخها بإخبارها، أو وليها بعدم الرغبة في الزواج من الفتاة، وراجع الفتوى: 18857.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني