الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اكتشف علاقات أمه المريبة مع رجال فحبسها في البيت وقاطعها

السؤال

منذ عدة أشهر شككت في سلوك أمي (59 سنة)، فقمت بوضع برنامج لتسجيل المكالمات على هاتفها بدون علمها -طبعا- واكتشفت أنها على علاقة مع أربع رجال على الأقل، وصلت علاقتها ببعضهم إلى حد الزنا. فقمت بمواجهتها، وأجبرتها على تركها لعملها، وحبستها في البيت، وأخذت هاتفها، ومنعتها من الخروج تماما إلا عند الذهاب إلى الأطباء، فيصحبها والدي. وأبقيت هذه الفضيحة سرًا بيني وبينها خوفًا على صحة والدي المسن إذا علم بالأمر، وكذلك حتى لا تنفضح أخواتي البنات أمام أزواجهن. ومنعتها كذلك من حضور أي أفراح أو مآتم أو حتى زيارة المرضى والأقارب، وذلك لأنها كانت على اتفاق مع أحد الرجال الذين كانت على علاقة معهم على أنها ستترك البيت، وتهرب معه، وكان موعد هروبهما بعد أربعة أيام فقط من مواجهتي لها. فحمدت الله أن أنقذت الموقف قبل حدوث تلك المصيبة؛ لذلك فأنا أخاف أن تنفذ ما كانت تخطط له في أي فرصة تخرج فيها من البيت؛ حيث إنني أغلق باب البيت بالمفتاح في كل مرة أخرج فيها.
السؤال: أنا الآن لا أكلمها، ولا أطيق حتى النظر إليها، ولا أحمل مثقال ذرة من بر لها، وأتمنى موتها اليوم قبل غدا. أعلم أن ذلك خطأ ومناقض لتوصيات الله ببر الوالدين، ولكني لا أقدر على معاملتها بصورة جيدة، ولا أظن حتى أني سأحزن عند موتها، أو أترحم عليها، أو أدعو لها يوما ما.
هل ما أنا فيه طبيعي؟ وإن لم يكن طبيعيا فما الحل. جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن كان ما ذكرته عن أمك هو الواقع، فهذه تصرفات منها قبيحة عظيمة، ومساعٍ سيئة، خاصة وأنها قد تقدمت بها السن، إضافة إلى كونها تحت زوج، فهي بذلك عاصية لربها، ومفرطة في حق زوجها، فتجب عليها التوبة إلى الله عز وجل، والحذر من العودة لمثل هذه الفعال في المستقبل. ولمعرفة شروط التوبة يمكن مطالعة الفتوى: 29785.

فاعمل على مناصحتها، وذكرها بالله -تعالى- وأليم عقابه، وقد بينا القول في أدب الإنكار على الوالدين في الفتوى: 224710، والفتوى: 134356.

ويجب عليك برها، فإساءتها لا تسقط عنك وجوب البر، فعليك ببرها بكل ما يعد بِرًّا عرفا، والحذر من الإساءة إليها بكل ما يعد عرفا إساءة؛ لأن ذلك عقوق لها، ويدخل في هذا ما ذكرته من الهجر، والإعراض، وتمني الموت، وترك الدعاء لها، أو الترحم عليها. وأما ما لا دخل لك فيه؛ كالكره القلبي لها بسبب سوء تصرفاتها، أو عدم الحزن عليها إذا ماتت فلا مؤاخذة عليك فيه، وراجع الفتوى: 300613، والفتوى: 299887، والفتوى: 299953.

بقي أن نبين أن التجسس محرم في الأصل، ولكن إن كان لمنع منكر عند ظهور ريبة فإنه جائز، وسبق بيان ذلك في الفتوى: 234544.

وأما الحبس ونحوه فلا حرج فيه إن تعين طريقا لمنعها من الفجور، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى: مسألة: في امرأة متزوجة بزوج كامل، ولها أولاد، فتعلقت بشخص من الأطراف، أقامت معه على الفجور، فلما ظهر أمرها سعت في مفارقة الزوج: فهل بقي لها حق على أولادها بعد هذا الفعل؟ وهل عليهم إثم في قطعها؟ وهل يجوز لمن تحقق ذلك منها قتلها سرا؟ وإن فعل ذلك غيره يأثم؟

الجواب: الحمد لله.. الواجب على أولادها وعصبتها أن يمنعوها من المحرمات، فإن لم تمتنع إلا بالحبس حبسوها، وإن احتاجت إلى القيد قيدوها، وما ينبغي للولد أن يضرب أمه. وأما برها فليس لهم أن يمنعوها برها، ولا يجوز لهم مقاطعتها بحيث تتمكن بذلك من السوء، بل يمنعوها بحسب قدرتهم، وإن احتاجت إلى رزق وكسوة رزقوها وكسوها، ولا يجوز لهم إقامة الحد عليها بقتل ولا غيره، وعليهم الإثم في ذلك. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني