الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زواج المرأة من شخص غير صالح... رؤية شرعية واقعية

السؤال

هناك من يقول كيف يتأكد الإنسان أن تأخر زواجه ليس حسداً، حيث إنه قد مر بهم حسد فشفاهم الله؟ ولكن هل لا يزال الأثر موجوداً؟ وإن لم يوجد رجل صالح لا تتزوج المرأة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن أمور السحر والعين ونحوها أمور خفية، لا يكاد يتأتى الجزم فيها، ولا ينبغي للمسلم أن يبالغ في شأنها، ومن قلة العقل أن يرجع المرء كل حرمان -من زواج أو غيره- إلى العين والسحر والحسد -كما هو شان كثيرين- ، وإنما الذي ينبغي للمسلم هو أن يبذل الأسباب الدينية من الإيمان بالله والتوكل عليه سبحانه، والتحصن بالأذكار والأدعية والرقى الشرعية، وذلك لا يتوقف أبداً على العلم بوقوع سحر أو عين من عدمها، بل هو مشروع مطلقاً في كل حال، وأن يبذل الأسباب الطبيعية للبحث عن الزوج؛ كعرض المرأة نفسها على الرجال الصالحين مثلاً، وغير ذلك من الأسباب المعروفة.

وأما سؤالك: (وإن لم يوجد رجل صالح لا تتزوج المرأة)، فإن على المرأة المسلمة أن تلتمس الرجل المرضي في دينه وخلقه، والناس مراتب في هذه الصفة، فينبغي طلب الأكمل فالذي يليه، حتى تصل إلى مستور الحال، وهو الذي لا يعرف بفسق ظاهر، ويصح الزواج من الفاسق -وهو من يرتكب الكبائر أو يصر على الصغائر- عند جمهور العلماء، كما بيناه في الفتوى: 211597، لكن ينبغي أن لا يقبل زوجاً عند وجود من هو أمثل منه.

ولحالات الضرورة -كعدم وجدان المرأة لرجال صالحين للنكاح- مراعاة وخصوصية في الشرع، ففي باب الشهادة -والتي يشترط لها العدالة- نص جمع من العلماء على قبول شهادة الفساق عند ندرة العدول وقلتهم، جاء في الطرق الحكمية لابن القيم: قال ابن القيم: فإذا كان الناس فساقاً كلهم إلا القليل النادر، قبلت شهادة بعضهم على بعض، ويحكم بشهادة الأمثل من الفساق فالأمثل، هذا هو الصواب الذي عليه العمل، وإن أنكره كثير من الفقهاء بألسنتهم. كما أن العمل على صحة ولاية الفاسق، ونفوذ أحكامه، وإن أنكروه بألسنتهم. وكذلك العمل على صحة كون الفاسق ولياً في النكاح، ووصياً في المال. والعجب ممن يسلبه ذلك ويرد الولاية إلى فاسق مثله، أو أفسق منه؛ فإن العدل الذي تنتقل إليه الولاية قد تعذر وجوده، وامتاز الفاسق القريب بشفقة القرابة، والوصي باختيار الموصى له، وإيثاره على غيره، ففاسق عينه الموصي أو امتاز بالقرابة أولى من فاسق ليس كذلك. اهـ.

وراجعي الفتوى رقم: 19517.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني